كتب عمر البردان في “اللواء”:
وسط الخشية من عودة مشاهد الطوابير أمام محطات الوقود، مع توجه مصرف لبنان ووزارة الطاقة لرفع الدعم تدريجياً عن استيراد المحروقات، تبدو الأمور ذاهبة باتجاه الأسوأ، مع اقتراب سعر صرف الدولار في السوق السوداء من الأربعين ألف ليرة، وفي ظل عجز فاضح عن تدارك الانهيار الذي طال كل المرافق، توازياً مع قصور رسمي غير مبرر في تشكيل حكومة جديدة. والأنكى من كل ذلك، وفيما البلد يعاني على أكثر من صعيد، لا يتورع المعنيون بالشأن الحكومي وبشكل مقزز، عن تبادل الاتهامات بالمسؤولية عن عدم التشكيل، في وقت لم تثمر كل الاجتماعات التي عقدت بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي، عن أي تقدم بما خص ولادة الحكومة، بإستثناء تكرار معزوفات كلامية، ملّها اللبنانيون، بعدما ضاقوا ذرعاً بكل ممارسات الطبقة الحاكمة. وهذا ما سيكون عليه مصير الاجتماع الثالث المقرر بين الرئيسين هذا الأسبوع، بعدما داهم الوقت الجميع، وأصبح من المتعذر حصول ولادة حكومية في ما تبقّى من عهد الرئيس عون.
ومع تقدم الملف الرئاسي سائر الملفات الأخرى، وتصدّره واجهة الاهتمامات، تنكب قوى المعارضة على توحيد مواقفها من هذا الاستحقاق، علّها تنجح في إيصال مرشحها إلى قصر بعبدا، في حين بدا واضحاً من مواقف البطريرك بشارة الراعي الأسبوعية، أن بكركي والقيادات المسيحية الروحية والسياسية تضع نصب أعينها، بعد تراجع الآمال بولادة حكومة جديدة، ضرورة إجراء الاستحقاق الرئاسي في موعده، وبالتالي الدفع باتجاه انتخاب رئيس جديد للجمهورية بين الأول من أيلول وآخر تشرين الثاني المقبلين، وهي المهلة الدستورية لانتخاب الرئيس العتيد، رغم المؤشرات المقلقة حول مصير هذا الاستحقاق. ومن خلال ما نقله زوار البطريرك بشارة الراعي، فإن البطريركية المارونية وكما تقول مصادر كنسية، لن تدخر وسعاً من أجل «تضافر كل الجهود لإنجاز الانتخابات الرئاسية في موعدها. وهذا ما يشدد عليه أركان الكنيسة الذين يرفضون أي نوع من الفراغ، لأن في ذلك إساءة للموقع المسيحي الأول في البلاد».
ووفق ما يقوله الزوار، فإن «البطريركية المارونية تطالب بانتخاب رئيس يعيد الاعتبار لمؤسسات الدولة، ويعمل على إعادة تفعيلها وإنقاذ البلد من الانهيار، وإصلاح علاقات العربية والدولية، وأن لا يكون هذا الرئيس مرتهناً لأي طرف، إلا لخدمة بلده وشعبه»، مشددين على أن «هناك دعماً عربياً ودولياً لمطالب بكركي بشأن الرئاسة والحياد الذي هو خلاص لبنان من هذه الأوضاع المزرية».
وتشدد أوساط معارضة، على أن أمام الرئيس العتيد، مهمات بالغة الأهمية يأتي في مقدمها السعي من أجل رفع هيمنة حزب الله عن القرار اللبناني، وبما يخفف من التسلط الإيراني على لبنان، وتالياً العمل على الالتزام بالثلاثية الذهبية الوحيدة، أي نهائية الكيان وعروبة لبنان وعيشه المشترك. وبمعنى آخر لا بد أن يعمل الرئيس الجديد على فك الارتباط بالمشروع الإيراني الذي يريد الهيمنة على لبنان، ومحاولة استخدام لبنان كالعادة صندوق بريد بين طهران والعالم الغربي، من خلال ما يقوم به حزب الله في أكثر من اتجاه.
ولهذا فإن قلقاً متزايداً، وفقاً لما تقوله الأوساط، من مغبة أن يأخذ «حزب الله» اللبنانيين إلى مغامرة عسكرية مع إسرائيل، بتحريض من جانب إيران، منبّهة من «مخاطر استمرار المسؤولين الإيرانيين في الإشادة بقدرات «حزب الله»، وما يمكن أن تجرّه على لبنان الذي يصارع من أجل البقاء»، على ما أكده الحرس الثوري الإيراني محمد رضا نقدي الذي قال إن «حزب الله في ذروة العظمة والقوة اليوم وأنه يمتلك أقوى قوة برية في المنطقة باستطاعتها أن تدمر الجيش الإسرائيلي». وهذا بالتأكيد يثير المخاوف من يتصرف الحزب لحساب الأهداف الإيرانية في المنطقة، وعلى حساب مصالح لبنان وشعبه.