و اخيرا انتهى مخاض هذا العام الدراسي الاستثنائي الذي مر على طلاب الشهادات الرسمية في لبنان.
استثنائي لأنه حمل كل الصعوبات و عايش فيه الطلاب الازمات و الآفات على مختلف انواعها: الصحية و الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية.ولا نبالغ ان قلنا انه القى بأغلب ثقله على طلاب القطاع الرسمي الذين لم يجزموا ذهابهم للامتحانات سوى بالمرحلة الاخيرة.
فكان عامهم حافلا بالاضرابات و التعطيل القسري و كادوا يذهبون ضحية الكباش بين معالي وزير التربية عباس الحلبي و الاساتذة . لولا ان الاسرة التربوية تعالت على جراحها و ضحت بالامكانات المتبقية لديها لانقاذ ما تبقى من هذا العام و مد العون لطلاب لا ذنب لهم سوى انهم خلقوا في بلد لا يرى الحكام فيه سوى حصص و مقاعد انتخابية تضمن وجودهم ولو على حساب مستقبل الاجيال.
تعليم عن بعد ثم اربعة ايام في الاسبوع،ثم اضرابات و تعطيلات،ثم مواد اختيارية و تعويض و اخيرا ضم العلامات المدرسية الى علامة الشهادة الرسمية و الرجوع عنه،قرارات وزارية ادخلت التلميذ في دوامة خرج منها التلميذ المجتهد منهك القوى بتقدير جيد جدا و ممتاز بينما خرج منها التلميذ المتخاذل مستسهلا ساخرا انه تغلب على مدرسته و وزارته رغم كل التعطيل و الرسوب في المدرسة.
“يا فرحة ما تمت”
بما ان نسبة النجاح في الامتحانات الرسمية مرتفعة جدا،ستشهد الثانويات ضغطا كبيرا في السنة المقبلة و سيقع تلاميذ الرسمي مجددا ضحية الصراعات بين الوزارة و الجسم التعليمي لا سيما ان لم يف الوزير بوعوده و لم تتحسن الوضاع المعيشية للاساتذة و سيقع تلاميذ الخاص ضحية غلاء الاسعار سيما و ان القطاع الخاص قرر مجتمعا قبض مبلغ من القسط بالفريش دولار.
اما طلاب الثانوية العامة الذين عبروا الامتحانات بسلام،فالخيارات امامهم محدودة جدا لا بل ستكون على قدر امكاناتهم المادية و بتعبير ادق حسب قدرتهم على الدفع بالدولار، هذا ان اخذنا بعين الاعتبار ان الجامعة اللبنانية تواجه مشاكل عديدة وقد لا تفتح ابوابها امام طلابها في العام المقبل وسط صمت رهيب من كل الجهات يخترقه بعض التغريدات و المؤتمرات التي لا تفيد بشيء سوى تسجيل مواقف كلامية لا تأت بأي نتيجة.
و فيما تعددت ردود الفعل حول الامتحانات و نسبة النجاح و فيما يحاول المعلمون لفظ انفاسهم بعدما انهكتهم التضحيات،و فيما هم منشغلون بنجاح تلاميذهم،جاءت تغريدة الوزير الحلبي كالضربة القاضية التي قطعت الحبل السري الذي يربط الوزارة بالجسم التعليمي و يفصلهما نهائيا،فالوزير استثنى من شكره المعلمين و اثنى على جهود اللجان الفاحصة و لجنة الامتحانات متجاهلا من ضحى و صبر و اعطى دون اي مقابل منذ شهور عدة.
اما مدير عام وزارة التربية بالتكليف،الدكتور عماد الاشقر،فقد وجه رسالة للمعلمين أثنى فيها على تضحياتهم و قدر جهودهم مأكدا انهم اساس كل نجاح، الامر الذي خفف قليلا من وطأة الضغوط على المعلمين و بلسم قليلا الجراح التي تسببت لهم بها وزارة التربية.
اي ذنب ارتكبه اللبناني ليعيش كل هذه المآسي؟اي خطأ فادح أذنب فيه ليقع فريسة بيد طبقة غاشمة تنهش من لحمه و ترتوي من تعب عمره و عرق جبينه ثم ترميه عظاما رميمة؟ اي سحر حل ببلد الحرف و عاصمة الكتاب لتنحدر فيه التربية هكذا و تصبح من آخر اهتمامات السلطة؟
كان الله بعون اللبناني و الهمه القوة و الارادة للتغلب على قوى الشر التي تتحكم بكل مفاصل حياته و تحاول عبثا ان تطفىء شمس اماله.
اريج الدنف.