كتب عوني الكعكي:
إذا كنا من الذين يحبّون ولي عهد المملكة العربية السعودية أو كنا لا نحبّه، فإننا لا نستطيع إلاّ أن نعترف بأنّ ولي العهد الشاب الأمير محمد بن سلمان حقق انتصاراً كبيراً للسعودية على الولايات المتحدة خاصة وأنّ العلاقة بين المملكة وأميركا بدأت بالتوتر منذ عام 2001 يوم تبيّـن أنّ 15 شاباً سعودياً هم الذين قاموا بتفجير البرجين، هذا التفجير الذي أدّى الى مقتل حوالى 5000 شخص، وتعتبر تلك العملية من أكبر العمليات التي جرت في التاريخ خارج الحروب التقليدية التي ذهب ضحيتها الملايين أو الحروب الأهلية التي ذهب خلالها الملايين أيضاً.
نستطيع القول إنّ ولي العهد السعودي ورث علاقات سيّئة بين أميركا والمملكة بعدما كانت علاقات مميّزة منذ عام 1945 في الاجتماع الذي حصل بين المؤسّس الملك عبد العزيز وبين الرئيس الاميركي فرانكلين روزفلت.
كذلك علينا أن لا ننسى ما جرى أيام الملك فهد عندما احتل صدّام حسين الكويت، طلب الملك فهد من الرئيس الاميركي جورج بوش الاب أن تساعد أميركا السعودية في تحرير الكويت، وهكذا أرسل الرئيس الاميركي 300 ألف عسكري أميركي جاءوا الى المملكة، وكانوا تحت امرة الامير خالد بن سلطان.
ولولا القرار التاريخي الذي أخذه الملك فهد الذي وضع كل إمكانات المملكة تحت تصرّف أميركا من أجل تحرير الكويت مهما كلفت الحرب من ملايين الدولارات لما تحررت الكويت، والحمد الله تحرّرت الكويت وعاد أميرها الشيخ جابر ووليد العهد سعد العبدالله ووزير الخارجية الشيخ صباح الاحمد، وهذا ما لا ينساه الكويتيون.
نعود الى ان العلاقات الاميركية – السعودية بعد التفجير صارت سيّئة، لا بل سيّئة جداً، وهكذا عندما تسلم ولي عهد المملكة الامير محمد بن سلمان شعر بأنّ الاميركيين يبادلون السعودية بمواقف أقل ما يُقال عنها إنها عدوانية، وهناك حديث عن ان الرئيس جو بايدن طلب أن يتحدّث مع ولي العهد السعودي هاتفياً فرفض الأمير.
على كل حال، الحمد لله إنّ القمة حصلت وعقدت في جدّة وحضرها قادة مجلس التعاون الخليجي: أمير قطر ووليد عهد الكويت وأمير البحرين وأمير دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وسلطان عُمان هيثم بن طارق آل سعيد وإلى جانبهم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وعاهل الاردن الملك عبدالله الثاني بن الحسين.
لا شك في ان الحرب التي قامت بها روسيا ضد أوكرانيا هي التي عجّلت بزيارة بايدن للمملكة السعودية خاصة وان النقص في الوقود من غاز ونفط المادتين اللتين تحتاجهما الاسواق الاوروبية بعدما قطعت روسيا إمدادات الغاز والنفط عنها فأصبحت أوروبا بحاجة الى التعويض عن الإمدادات النفطية الروسية التي كانت تحصل عليها من أسواق المملكة. لذلك قام الرئيس جو بايدن بتلك الزيارة وحضوره مؤتمر قمة التعاون الخليجي، إضافة الى بعض الدول المؤثرة على صعيد البترول والغاز.
الكلمات التي ألقيت في مؤتمر جدّة كانت كلها رسائل الى محور الشر، أو في الحقيقة الى كل الدول التي تعادي السعودية والعالم العربي.
نترك تقييم الكلمات التي ألقيت في المؤتمر الى فترة لاحقة «وليس الى ما بعد حيفا أو بعد بعد حيفا».
بالعودة الى الحرب الروسية على أوكرانيا أصبحت أوروبا بحاجة ماسّة للبترول والغاز العربي. وهذا كان الدافع الأكبر الذي عجل في حضور بايدن الى السعودية.
قد يتساءل القارئ: لماذا قامت روسيا بحربها ضد أوكرانيا..؟ ليتبيّـن ان هذا كان فخاً أميركياً لروسيا حيث تبيّـن ان روسيا تورّطت في حرب أوكرانيا لأنها كانت تظن ان عملية أوكرانيا تحتاج الى وقت قصير أو أسبوع لتتبيّـن الحقائق التالية:
أولاً: لا تزال الحرب بين الروس والاوكران في الشهر الرابع، إذ يواجه الجيش الروسي مقاومة لم يكن يتوقعها، وبدأ يعد العد العكسي لإيجاد طريقة ليوقف بها الحرب.
ثانياً: فشلت روسيا والجيش الروسي لأنّ سلاحها لا يزال دون المستوى المطلوب إذ هناك صاروخ أميركي ثمنة 50 ألف دولار يسقط طائرة ثمنها 35 مليون دولار.
ثالثاً: استعملت اوكرانيا مسيّرات أعطاها إياها الاوروبيون ثمن الواحدة 5000 دولار تستطيع أن تدمّر رتلاً من الدبابات، وهذا إخفاق جديد للسلاح الروسي.
رابعاً: الضرر وقع على روسيا وعلى الصين، إذ ان الصين بدأت تعيد حساباتها بالنسبة لعلاقاتها بأميركا.
على كل حال، انتصر الحق وزهق الباطل ان الباطل كان زهوقاً.
الحق كل الحق الى جانب العرب لأنّ كل المؤامرات تُـحاك ضد العرب ولكن النصر للحق والعرب في النهاية مهما طال الزمن.