جاء في “نداء الوطن”:
ما يحصل عشية الإستشارات النيابية الملزمة، من عملية شدّ حبال بين الحلفاء أنفسهم وبين الخصوم، هو بحسب مصدر دبلوماسي رفيع، «صراع على حكومة إدارة الفراغ الرئاسي، شبيه بالصراع الذي دار يوم كلف الرئيس تمام سلام تأليف الحكومة قبل سنة ونيف من نهاية عهد الرئيس العماد ميشال سليمان، واستمرّ قرابة السنة قبل أن تبصر الحكومة النور».
ويضيف المصدر قائلاً لـ»نداء الوطن» إن «أكثر من نصيحة أسديت إلى المسؤولين اللبنانيين على مختلف مواقعهم، بضرورة عدم التعاطي مع تأليف الحكومة الجديدة على أنها هي الحكومة التي ستناط بها صلاحيات رئيس الجمهورية، على قاعدة أن الفراغ محتوم، لأن في ذلك جهلاً لكل مسار الأمور في الإقليم الذي ينعكس على الداخل اللبناني، لأن من يقارب الاستحقاق الحكومي بنوايا الفراغ الرئاسي يمكن وصفه بأنه من هواة الانتحار».
ويقول المصدر إن «الظروف التي رافقت الفراغ الذي أدارته حكومة الرئيس تمام سلام مغايرة كلياً للظروف الحالية أقله في ثلاثة أمور أساسية وهي:
أولاً: إن الذي كان مانعاً لإتمام الاستحقاق الرئاسي في أيار 2014 هو الشعارات التي رفعت حول الشراكة والندية والميثاقية وإن الأكثر تمثيلاً في طائفته هو الذي يكون رئيساً حتى يتمكن من أن يكون شريكاً في الحكم، وبعد تجربة العهد القوي ثبت أن ما ينطبق على الرئاستين الثانية والثالثة لا ينطبق على الرئاسة الأولى، فالقوي في موقع رئاسة الجمهورية هو من يكون الأقدر على إدارة التوازنات اللبنانية الدقيقة والذي لا ينحاز طرفاً إنما يمارس دوره من موقع الحكم ممسكاً بأهم توقيع وهو مرسوم تأليف الحكومة، وهو التوقيع الذي عبره يحدد رئيس الجمهورية دوره وموقعه وفق الدستور بعيداً من الحصص والمحاصصة والمفاصلة على وزير بالناقص أو وزير بالزائد.
ثانياً: في ظل حكومة الرئيس سلام، لم يقع الوضع الاقتصادي والاجتماعي والمالي والمعيشي والخدماتي على الحالة الراهنة ذاتها من الانهيار التام، كانت هناك رعاية خارجية لإدارة الحكومة الفراغ حافظت على ثبات سعر النقد الوطني وعلى الخدمات الأساسية وعلى الوضع المعيشي مستقراً، أمّا أي فراغ اليوم فأول ما ستواجهه حكومة إدارة الفراغ هو انفلات خطير جداً بسعر صرف الدولار وحينها يبدأ التسعير بـ100 ألف ليرة للدولار الواحد وصعوداً إلى سقف غير مفتوح، ناهيك عن الدمار الشامل لكل القطاعات.
ثالثاً: من قال إن الخارج القريب منه والبعيد يريد أو يدفع باتجاه فراغ رئاسي في لبنان، مخطئ فالعكس هو الصحيح، لأن ما سمعه المعنيون في لبنان رسميين وحزبيين، هو أن السقف الزمني بعد التكليف لتأليف الحكومة ليس مفتوحاً، وإذا تبين في مهلة لا تتجاوز منتصف آب أن التأليف متعذر، فإنه فوراً سيتم الانتقال إلى البحث في الاستحقاق الرئاسي لتهيئة الظروف لإتمامه من ضمن المهلة الدستورية التي تبدأ منتصف ليل 31 آب، بحيث يبدأ البحث عن الشخصية التي تتوافر فيها المواصفات المطلوبة للتعامل مع الصعوبات والمخاطر التي يقبع تحتها لبنان».
ويحذر المصدر «من أن الطامحين كي تكون لهم الكلمة الفصل في الحكومة المقبلة حتى يمسكوا بالقرار في حال حصول الفراغ، سيندمون على الساعة التي اعتقدوا فيها أن هذا مكسب استراتيجي، لأن أي حكومة تدير الفراغ ستواجه فوضى عارمة نظراً للانهيار الكبير الذي سيصيب كل شيء، بحيث يصبح من هم ممثلون في الحكومة بمواجهة الداخل ومعه الخارج، الذي سيجعلهم يرضخون للخيار الرئاسي الذي لا يشبه اشتهاءاتهم وتمنياتهم».