ألقت قوات الأمن العراقية أمس الثلاثاء القبض على خطيب صلاة الجمعة علي المسعودي التابع للمرجع الديني الشيعي محمود الصرخي، في بابل، بعد دعوته إلى هدم المراقد والمزارات الدينية الشيعية باعتبارها مخالفة للدين الإسلامي حسب قوله.
وأغلق المحتجون الغاضبون في بغداد عدداً من المساجد والمقرات التابعة للصرخي، كما أضرمت النيران بعدد منها في بغداد وعدد من المحافظات الوسطى والجنوبية.
وأمهل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الصرخي ثلاثة أيام للتبرؤ من المسعودي وإلا فإنه سيلجأ إلى الطرق القانونية والشرعية والعرفية حسب تعبيره.
وبدأت القوات الأمنية العراقية حملة واسعة لاعتقال أنصار الصرخي وإغلاق مقراته بعد دعوة المسعودي.
كما أعلنت وزارة الداخلية العراقية في بيان نشرته وكالة الأنباء العراقية إغلاق مقار حركته التي وصفتها الوزارة بـ “المنحرفة”، دون تسميتها.
وقالت الوزارة إنها تتابع “بحرص ومسؤولية تعزيز الأمن والاستقرار والحفاظ على السلم المجتمعي، الانفعالات الشعبية والتظاهرات التي انطلقت في عدد من المحافظات على خلفية دعوات وخطب مشبوهة تسترت برداء الدين أطلقها نفر ضال ومنحرف وتخريبي”.
وأضافت أن تلك الدعوات “تضمنت إساءات لعقائد ومشاعر المواطنين، هدفها “إثارة البغضاء بين صفوف أبناء شعبنا، وتحقيق أهداف خبيثة غادرها العراقيون إلى غير رجعة”.
كما أشارت إلى أن “تشكيلات وزارة الداخلية أغلقت مقار هذه الحركة المنحرفة، واعتقلت بمذكرات قضائية المنحرفين المتجاوزين على المشاعر والعقائد لينالوا جزاءهم العادل أمام القضاء”.
من هو محمود الصرخي؟
حصل محمود الحسني الصرخي المولود في مدينة الكاظمية، العراق 1964، على البكالوريوس في الهندسة المدنية من جامعة بغداد في عام 1987.
بعدها حضر بعض الحلقات الدينية في مدينة النجف وكان من بين طلبة والد مقتدى الصدر محمد صادق الصدر.
وحسب البرقيات التي نشرتها ويكيليكس انضم الصرخي لمليشيا جيش المهدي في اعقاب الغزو الأمريكي للعراق عام 2003.
بعدها انفصل الصرخي عن تيار الصدر ونفذ أنصاره عدداً من العمليات ضد القوات الأمريكية في جنوب العراق كما كان أنصاره يخططون لشن هجوم على معسكر بوكا للقوات الأمريكية في جنوب العراق ونظموا مظاهرة ضد ايران امام القنصلية الإيرانية في كربلاء حسب البرقيات المسربة.
ووصفت برقية أخرى تعود لعام 2006 الصرخي بأنه “رجل دين متطرف” والمليشيا التابعة له ( جيش الحسين ) هي الأكثر عداء لإيران إذ لا يخفي الرجل معارضته الشديدة للسيستاني وللمجلس الاسلامي الأعلى في العراق ( المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق سابقاً).
ويعرف عن نفسه بأنه مرجع شيعي عراقي عربي ينتمي إلى طائفة الشيعة الإثني عشرية. ولديه عشرات آلاف الأتباع الذين يُطلق عليهم “الصرخيين”، بينما يصفه خصومه بأنه “مشعوذ وقائد عصابة بعثية”.
واشتهر الصرخي بآرائه المناهضة للأحزاب التي تحكم العراق منذ عام 2003، وينتقد مواقف آية الله علي السيستاني الذي يعد أكبر مراجع الشيعة في العراق والعالم.
زادت شهرته وبات صوتاً ومرجعية لدى بعض شيعة العراق بعد عام 2004، ولكن معظم رجال الدين الشيعة في العراق يجمعون على أنه لا يملك صفة المرجعية التي تبيح للناس تقليده.
بعد أن احتل تنظيم الدولة مساحات شاسعة من العراق عام 2014، دعا الصرخي إلى الحوار مع التنظيم وليس “الجهاد” ضده حسب الفتوى التي اصدرها السيستاني، لأن ذلك سيشعل حرباً أهلية ويؤجج النعرات الطائفية في العراق حسب قوله.
وأثار ذلك غضب حكومة نوري المالكي آنذاك وقَصَفت قوات الأمن مقر الصرخي في كربلاء، وقُتل العشرات من اتباعه ومنذ ذلك الحين ابتعد الصرخي عن الأنظار، ولم يظهر إلى العلن.
وقالت الحكومة العراقية وقتها أن أتباع الصرخي كانوا يخططون للسيطرة على مرقد الامام الحسين وهو ما نفاه انصار الصرخي الذين اوضحوا أن الاشتباكات اندلعت بسبب محاولة قوات الأمن إلقاء القبض على الصرخي.
بالنسبة للعديد من السنة العراقيين يمثل الصرخي التوجه العربي المناهض لنفوذ إيران بين أوساط شيعة العراق. وأصدرت هيئة علماء المسلمين في العراق بيانا في 2 يوليو 2014 دعت فيه سكان المحافظات الجنوبية في العراق إلى دعم الصرخي ضد حكومة المالكي.وقال البيان إن المالكي أمر بمداهمة مقر الصرخي في كربلاء في تصعيد ضد “مدرسته الفقهية”. وأضاف البيان أنه الحملة المستمرة عليه سببها مواقفه المناهضة لإيران وأمريكا ودعمه “للانتفاضات العربية ضد الأنظمة الاستبدادية” حسب البيان .وذكرت بعض التقارير وقتها أن عدد القتلى في صفوف اتباع الصرخي في المواجهات بلغ 125 شخصا فيما القي القبض على 375 من انصاره بعد يومين من الاشتباكات.
مناهضة نفوذ إيران
ينأى الصرخي بنفسه عن إيران ويعارض مواقفها وصرح في لقاء له مع صحيفة “الوطن” المصرية في فبراير / شباط 2015: “أعلن أنه لا يوجد خطاب ديني مذهبي شيعي عراقي، فالخطاب الديني في العراق هو خطاب إيراني خالص وبامتياز لا علاقة له بالمذهب الشيعي إلا بالمقدار الذي يخدم فيه سياسة السلطة الإيرانية الحاكمة وأمنها القومي”.
عدد أتباع الصرخي ليس بالكبير ويقدرون بالآلاف وينتشرون في مختلف محافظات العراق أبرزها كربلاء والناصرية والديوانية والبصرة.
هناك من يرى الصرخي من علماء الدين الشيعة المعتدلين، حيث يدعو إلى نبذ الطائفية و إلى بناء دولة يعيش فيها الجميع بغض النظر عن مذهبهم أو ديانتهم أو قوميتهم.
ويتبنى الصرخي آراء تختلف عن مواقف رجال الدين الشيعة في العراق ويقول عن نفسه إنه يتبع مدرسة رجلي الدين محمد باقر الصدر الذي أعدم عام 1980 ومحمد صادق الصدر الذي اغتيل عام 1999.
المصدر:bbc