الشرق- “فعلاً.. كانت مفاجأة كبرى ما أعلنه اللواء أشرف ريفي والذي يعطي من خلاله براءة ذمّة لـ«القوات اللبنانية» وقائدها من تفجير طائرة الرئيس الشهيد رشيد كرامي، حيث كان الشهيد عائداً من طرابلس الى بيروت في الأول من حزيران عام 1987. وكانت الطائرة المروحية تابعة للجيش اللبناني وقادمة من قاعدة أدما الجوية.ولا شك بأنّ ما قاله الوزير السابق أشرف ريفي لجريدة «النهار» عارٍ من الصحة، ولا يَمَتّ للحقيقة بأية صلة.ما جرى هو بالفعل عملية مدبّرة ومخطّط لها بدقة متناهية، من «القوات اللبنانية». أما في ما يتعلق بالقول بأنّ القوات السورية هي التي خطّطت ودبّرت عملية الاغتيال، فهو أيضاً لا يمثل الحقيقة. فالطائرة انطلقت من قاعدة أدما وهي ضمن منطقة كانت تسيطر عليها «القوات اللبنانية». «الشرق» التقت العميد المتقاعد جمال موّاس، الذي كان مرافقاً شخصياً للرئيس الشهيد رشيد كرامي، واستوضحت منه حقيقة ما أدلى به الوزير السابق أشرف ريفي. – ما رأيكم بحديث اللواء ريفي لجريدة «النهار» حول جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رشيد كرامي؟– حديث اللواء أشرف ريفي خطأ جملة وتفصيلاً، وهو لا يمتّ للحقيقة بأية صلة، لا من قريب ولا من بعيد.– لقد كنتم في الطائرة نفسها… فهل يمكن أن تروي لنا القصة كما حدثت.. وأنت شاهد عيان؟– جرت العادة أنه وفي كل يوم اثنين، تأتي طائرة هيليكوبتر تابعة للجيش اللبناني فتصل الى طرابلس في الساعة التاسعة صباحاً، وتهبط في معرض طرابلس مقابل منزل المرحوم الشهيد الرئيس كرامي، الذي يخرج مباشرة من منزله الى الطائرة. وكانت هذه الطائرة تأتي من قاعدة أدما الجوية، الموجودة في المنطقة التي تسيطر عليها «القوات اللبنانية». وفي بعض الأوقات كانت الطائرة تتجه من أدما الى زغرتا لنقل وزير الداخلية يومذاك المرحوم عبدالله الراسي.. – هل اتجهت هذه الطائرة يومذاك الى زغرتا ثم الى طرابلس؟– نعم هذا ما حصل تماماً. وبعد وصول الطائرة الى طرابلس فتحت الباب ولم أجد شيئاً لافتاً… صعد الرئيس الشهيد رشيد كرامي الى الطائرة وجلست أنا في الوسط بين الرئيس كرامي عن يميني والوزير عبدالله الراسي عن يساري… وكانت الطائرة تقلّ أيضاً 16 شخصاً من المرافقين.طارت الطائرة التي لم يدم وجودها في أرض المعرض أكثر من ثلاث دقائق…كنت أضع السمّاعات الخاصة بي، وحين يريد الرئيس الشهيد شيئاً كان يطلب مني ذلك، فأتحدث بنفسي مع قيادة الطائرة وأطلب ما يريده الرئيس.بعد 12 دقيقة، وكانت الطائرة قد وصلت فوق نفق شكّا، حدث الانفجار عند الاستدارة فوق رأس شكا. بعد الانفجار، التفَتُّ نحو الرئيس كرامي فلم أجده، فالتفَتّ الى الجهة الثانية فوجدته ملقى في حضن المرحوم عبدالله الراسي، وكان الرئيس كرامي قد فارق الحياة. قائد الطائرة انطوان بستاني غاب عن الوعي، فتولى قيادة الطائرة مساعده وليم ملّيس… قلت لوليم بعدما وقع باب الطائرة فوق البحر… قُدْنا باتجاه المدينة الكشفية فهناك ثكنة عسكرية. لم أفهم عليه – لكنني عرفت منه في ما بعد، أنّ هناك تهريباً في الوقود، ولم يكن بإمكانه الاتجاه الى أي موقع آخر، بل هو مضطر للهبوط في مطار حالات.لم تهبط الطائرة على دواليبها، بل على «بطنها»… ولولا ان استفاق قائدها انطوان بستاني فثبّت مقود الطائرة بشريط حذائه لحدث ما لا يحمد عقباه. ولم يسمح بدخول أحد إلاّ بعد أن جاء الفنّيون ودخلوا الى الطائرة… ونقل الجميع الى مستشفى في مدينة جبيل. – هل أنت متأكد أنّ «القوات اللبنانية» هي التي وضعت العبوة وفجّرتها بهذه الدقة المتناهية؟ بالتأكيد… لأسباب عديدة أهمها:أولاً: لقد تبيّـن من المحاكمات التي جرت عامي 1997 و1998 وباعترافات المتهمين والمستجوبين، ان العبوة وضعت في جسم الطائرة خلف المقعد الذي كان الرئيس الشهيد يجلس عليه ولا يستبدله بأي موقع آخر، بعد نزع «البطانة» المغلفة لجسم الطائرة خلف كرسي الرئيس الشهيد، ووضعت العبوة داخله ثم أُعيدت البطانة كما كانت. فالأمر دُبّر بمنتهى الدقّة. ثانياً: قبل وصول طائرتنا (أي الطائرة التي كان الرئيس الشهيد على متنها) الى فوق رأس شكا بخمس دقائق، وصلت قبلها طائرة هيليكوبتر أخرى الى المكان نفسه قادمة من القليعات متجهة الى بيروت، فتحدث العميد خليل مطر مع غسان توما وشخص آخر من آل منسى وهما من «القوات اللبنانية» متواجدان على الارض قائلاً لهما: هذه ليست طائرة الرئيس كرامي… وحين وصول الطائرة التي تقل الرئيس الشهيد رشيد كرامي، قال لهما: هذه هي الطائرة… وقد تبيّـن أيضاً أنّ العميد خليل مطر كان يتلقى أموالاً من «القوات اللبنانية» لقاء تقديم خدمات لها. إشارة هنا الى ان أية طائرة قادمة من الشمال عندما تصل فوق شكا تعطي إشارات للقليعات، وعند استدارتها فوق رأس شكا تبدأ بالتحدّث مع اليرزة مباشرة. أما الدليل الثاني على مشاركة «القوات» بالتفجير، فهو ما ظهر خلال المحاكمة من أنّ العميد خليل مطر، غيّر ملابسه، وارتدى الزيّ العسكري بعد التفجير وذهب الى حالات وغطّى جثة المرحوم الرئيس الشهيد بـ«شرشف»، وهنا يحق القول: يقتلون القتيل ويمشون في جنازته.ويقول العميد المتقاعد جمال… «كنت سابقاً قد أبلغت الرئيس الشهيد رشيد كرامي بضرورة عدم انطلاق الطائرة التي تقلّه أسبوعياً من قاعدة أدما، بل يمكن انطلاق الطائرة من قاعدة عسكرية في بيروت… وهذا أضمن.. لكن الرئيس الشهيد رفض ما قُلْتهُ قائلاً: هل تشكّون بالجيش اللبناني..؟ فأنا لا أقبل هذا الكلام. وبالعودة الى سؤال الوزير السابق عن سبب طرحه هذا الموضوع في هذه الأيام نقول: هل السبب انه يريد أن يُغَطّي علاقاته بـ«القوات اللبنانية»، وتحالفه معهم؟ أم ان هناك جهة سياسيّة طلبت منه ذلك؟”الشرق