أبدى المرجع القانوني رئيس مؤسسة «جوستيسيا» الحقوقية المحامي بول مرقص لـ»نداء الوطن» ملاحظاته على مسودة اقتراح قانون الـ»كابيتال كونترول» الجديد الرامي الى وضع ضوابط إستثنائية وموقتة على التحاويل المصرفية والسحوبات النقدية بتاريخ 27/3/2022.عرّف مرقص بقانون الـ»كابيتال كونترول» وألقى نظرة على الإقتراح، ودوّن تعليقاته على المسودة. وجاء في تلك الملاحظات:أولاً: «قانون الـ»كابيتال كونترول» هو مجموعة ضوابط وقيود إستثنائية وموقتة يضعها مجلس النواب بموجب قانون لتنظيم تدفق العملات الأجنبية داخل وخارج البلاد، ومنع هروب الرساميل من داخل البلد إلى خارجه خاصّةً عند الأزمات نظراً إلى أهمّيتها في تحقيق الاستقرار النقديّ والماليّ.ثانياً: نظرة عامة على اقتراح قانون الـ»كابيتال كونترول»:1 – جاء اقتراح القانون متأخراً بعد أكثر من عامين على بدء الأزمة المالية والمصرفية اللبنانية مما يقلّل من أهمية ومبدأ «الكابيتال كونترول».2 – يجب أن يتزامن إقتراح القانون مع إعادة هيكلة المصارف وعودة الثقة بالقطاع المصرفي.3 – وجوب تطبيق الـ»كابيتال كونترول» لفترة محددّة واستثنائية تتزامن مع إصلاحات جديّة وليس لفترة طويلة.4 – أن يكون محفزاً للاقتصاد فلا يتعارض مع النظام الليبرالي الحرّ الذي يعتمده لبنان.5 – إن تداعيات إقرار هكذا مشروع على الإقتصاد سـتكون مؤلمة وتحكمها الإستنسابية الناتجة عن وجود لجنة تمنح وتحجب الإستثناءات في زمن يضج بالانتخابات والفساد.6- إقتراح قانون الـ»كابيتال كونترول» وفق هذه الصياغة الملتبسة في عدد كبير من أحكامها والتي تترك مجالاً للاستنسابية ينهي دور القطاع المصرفي بشكل خطير، فهو يجب أن يشمل التحويلات الخارجية والأموال المتدفقة من الخارج وليس قيوداً داخلية أيضاً، فلا يمكن بموجب إقتراح القانون هذا أن يقدّم المصرف خدماته المصرفية المعتادة كبطاقات الإئتمان والشيكات المصرفية.7 – هذا الاقتراح وفق هذه المسوّدة والبنود، يشكلّ ضرباً لما تبقى من الاقتصاد الوطني وللتجار والصناعات المحليّة.ضوابط إستثنائية موقتةثالثاً: تعليقات على مسودة «اقتراح القانون الرامي الى وضع ضوابط استثنائية وموقتة على التحاويل المصرفية والسحوبات النقدية» تاريخ 27/3/2022:1 – من ناحية تقديمه كاقتراح قانون:– لم يتبنّ أي نائب أو يوقّع على «اقتراح القانون» حتى الساعة على الأقل حسب الظاهر من الأمور، كي يصنّف من الناحية القانونية كاقتراح قانون، كما أنه لم يرد من الحكومة لكي يصنّف كمشروع قانون فكيف تم إدراجه على جدول أعمال في اللجان المشتركة لدرسه؟!2 – من ناحية التعريفات:– تعريف غير معتاد وقانوني للعملات الأجنبية حيث يشكل تعريف مبطّن لما يعرف با»اللولار المصرفي» كما وشمل العملات الرقمية بهذا التعريف، وذلك من خلال إدراج العبارات التالية في القانون مثل «الأموال المودعة…والمقومة بوحدات نقدية أجنبية»، «الأموال الإلكترونية المقومة بالوحدات النقدية الأجنبية و/أو المعادن الثمينة.– لا يوجد في القانون اللبناني ما يسمى بالأموال الجديدة والأموال القديمة كما هو منصوص عليه في اقتراح القانون هذا، حيث تمّ التفريق بينهما.دور اللجنة بموجب القانون3 – من ناحية تأليف «اللجنة» ودورها (المادة 2):أ- تمارس «اللجنة» المنشأة بواسطة اقتراح القانون المذكور، دوراً استنسابياً ومتفرّداً في اتخاذ جميع القرارات، تقرّر وتحدد وتحظّر وتعاقب وتعفي وتلغي وتحيل الى القضاء وتراقب وتعدّل وتمدد وتسعر العملات وتأمر المصرف المركزي بإصدار التعاميم، وبهذا الشكل هي تلغي أي دور للقضاء وللسلطات الأخرى وكأنها أصبحت سلطة مستقلّة تمارس دور القاضي والمشرّع، بدون رقابة وهذا يشكّل تعدّياً على الدستور الذي ينصّ على وجود ثلاث سلطات فقط.ب- كما وينفي حق التقاضي على درجتين والمكرّس دستورياً، حيث قرارات اللجنة بموجب اقتراح القانون مبرمة ولا تقبل الاعتراض.ج- سنداً لأحكام الفقرة (ز) من المادة الخامسة من قانون القضاء العدلي، يجب استطلاع رأي مجلس القضاء الأعلى، فقد اعتبر المجلس الدستوري أن مخالفة هذا الموجب القانوني هو مخالفة دستورية كونه يشكّل صيغة جوهرية وذلك لتكريس مبدأ استقلال السلطات الدستورية وتعاونها.د- إن أهمية القانون أنه يضع الإطار القانوني العام، ويحمي القطاع المصرفي وينظم العلاقة مع المودعين، إنما الدور والصلاحيات التي أعطيت إلى اللجنة، لها التأثير الأكبر في عرقلة تحقيق هذا الاقتراح للغاية المرجوّة.ه- إن الدور المعطى «للجنة» يجعل منها السلطة الأولى والأخيرة أي الآمرة والناهية في كلّ ما يتعلّق بالقانون وبالتالي بحسابات المودعين.القيود على السحوبات النقدية4 – في ما يتعلّق بالسحوبات:أ- إعطاء اللجنة سلطة تحديد القيود على السحوبات النقدية، «تخضع السحوبات النقدیة باستثناء حسابات «الأموال الجدیدة»، لقیود تحددھا «اللجنة».مما ترك غموضاً حول السحوبات النقدية، فصحيح أنّ المادة الرابعة من مسودة الاقتراح وضعت سقف 1000 دولار أمیركي للسحوبات بالعملة الأجنبیة أو العملة الوطنیة، للفرد الواحد شھریاً، إنما تركت للجنة تحديد القيود بما فيها سعر الصرف أي عدم ربطها بمنصة صيرفة SAYRAFA، مما يسمح للجنة بوضع haircut مقنّع.ب- كما أن فرض سقف للسحوبات بموجب القانون يجب أن يراعي حالة كل مودع الخاصة، وأن يتناسب مع المودعين الكبار والصغار.ج- أما لناحية حصر تسديد الودائع بالليرة اللبنانية على سعر صرف منصة «صيرفة» SAYRAFA، فإن هذه المنصة لا تزال حتى الآن مجهولة الآلية التي يتم من خلالها تحديد سعر الصرف والسند الاحتسابي الذي تقوم عليه.د- إضافةً إلى أن سعر الصرف المحدّد على منصة صيرفة لا يعكس الواقع الحقيقي لليرة اللبنانية في الأسواق اللبنانية.5 – تغيير في دور المصارفبموجب اقتراح القانون تمّ وضع قيود على إمكانية المصارف فتح حسابات جديدة حيث يتنافى هذا الأمر مع دور المصارف الأساسي ويهدّد وجود وضمانة واستمرار القطاع المصرفي اللبناني.تجميد أموال اللبنانيين6 – مهلة القانونتجميد أموال اللبنانيين إلى 5 سنوات بدون خطّة تعافٍ وآلية واضحة لإعادة الودائع إلى المودعين يشكل خطراً على الودائع وفقدانها، كما يشكل تهديداً للنظام المصرفي والمالي حيث يحدّ من تدفق الاستثمارات الأجنبية الى البلاد وحصول مشاريع تنهض بالوضع الاقتصادي.7- التناقض مع مبدأ الاقتصاد الحرّ ومبادئ قانونية أخرى:أ- إن إقتراح قانون الـ»كابيتال كونترول» يتناقض مع مبدأ الاقتصاد الحرّ المكرَس في مقدمة الدستور اللبناني وذلك من خلال القيود على السحوبات والتحويلات من وإلى خارج لبنان كما وفي داخل لبنان.ب- إن هذا الاقتراح يناقض الأحكام القانونية التي ترعى عقد الوديعة، وخصوصاً أنه يفرض استبدال الوديعة بعملة غير عملتها أي بالليرة اللبنانية، بدلاً من العملة الأجنبية التي تكون مكوّنة منها، أي أن المودع يحق له سحب أمواله بالليرة اللبنانية حصراً.ج- إن اقتراح القانون يفرّق بين الودائع القديمة والودائع الجديدة وهذا التفريق يخالف المبادئ الدستورية التي تنصّ على مساواة الجميع أمام القانون.د- إن اقتراح القانون هذا يمنح لجنة الرقابة على المصارف سلطة مراقبة تقيّد المصارف بأحكام هذا القانون ورفع تقريرها إلى «اللجنة»، إلا أنه من الناحية العملية ومنذ بداية الأزمة المالية منذ أكثر من سنتين لم تمارس هذه اللجنة الرقابة الفعالة على عدد من المصارف فإلى أي مدى يمكن أن يتم الاعتماد على هذه اللجنة كي تتخذ الإجراءات المناسبة وفق ما جاء الاقتراح على ذكره.8 – في ما يتعلّق بـ»طابع الانتظام العام»:أ- لا بدّ من الإشارة الى أنه لا يمكن الجمع بين الطابع الاستثنائي للقانون والانتظام العام الذي نصّ عليه اقتراح القانون، فالقانون عموماً كي يرتبط بالنظام العام يجب أن يتّسم بطابع الديمومة لما يوفّر ذلك من استقرار وليس بالطابع الموقت والاستثنائي.ب- كما أن القانون الذي يتّسم بطابع النظام العام لا يجب أن يمسّ بأي حقوق من الحقوق الفردية والمجتمعية.تشريع المسّ بالوديعة9 – تشريع المسّ بالوديعة وفقاً لإرادة «اللجنة»:الأمر الذي ينتهك بشكل صارخ حق الملكية الفردية المكفول صراحةً بموجب المادة /15/ من الدستور اللبناني، إضافةً الى المادة /17/ من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان للعام 1948 وغيرها من المواثيق العالمية.10 – غياب خطة إصلاحية:رغم أنّ اقتراح القانون إستثنائي ووضع نتيجة أزمة مالية واقتصادية يمرّ بها لبنان إلا أنه لم يتناول بنوداً أو خطّة إصلاحية للنهوض بالقطاع المصرفي وإعادة الثقة إليه، مما يثير الشكوك حول مدى ملاءمته مع جوهر الكابيتال كونترول الذي يهدف إلى الإصلاح.11 – عدم مراعاة إقتراح القانون الحالي لتوصيات صندوق النقد الدولي الإصلاحية:– لا يتضمن إقتراح القانون توحيد سعر الصرف كما أوصى صندوق النقد الدولي ولا أي خطة تسلسلية للوصول إلى سعر صرف موحّد.– لم يتضمن أيضاً إقتراح القانون أي إصلاحات نوعية وهادفة للقطاع المصرفي كما أوصى صندوق النقد الدولي.12 – في ما يتعلّق بالدعاوى المصرفية:أ- لم يتضمن إقتراح القانون أي إشارة إلى الدعاوى المقامة على المصارف في الخارج وفي لبنان والتي لم يصدر بحقها بعد حكم مبرم، ما قد يعني استمرار هذه الدعاوى.ب- كما أن المساواة بين المودعين وعملاء المصارف بشكل عام هي الأساس لكلّ حل عادل.نداء الوطن