ليال كايد طفيلي
محامية متدرجة
باحثة في مجال القانون العام
بتاريخ ١٦ /١٢ /٢٠٢١ صدر القرار رقم ١٤١٥ عن الحكومة اللبنانية فرض بطريقة غير مباشرة على المواطنين أخذ اللقاح .
فقيَّد في مادته الأولى حركة المواطنين الغير ملقحين. و ألزمت المادة الثانية العاملين في القطاع التربوي و السياحي و قطاع النقل العام و القطاع العسكري و الأجهزة الأمنية و الموظفين و العاملين في القطاع العام و البلديات و اتحاداتها ، أن يكونوا من الملقحين تحت طائلة منعهم من مزاولة عملهم. كما منعت المادة الرابعة المؤسسات السياحية و المطاعم و الفنادق من استقبال غير الملقحين.
إن هذه الصيغة الارتجالية في فرض اللقاح ، التي ترسم معالم الديكتاتورية الصحية ، ضربت عرض الحائط مبادئ ذات قيمة دستورية و همّشت الحقوق الأساسية للمواطن .
فمن ناحية أولى هذا التمييز بين الملقحين و غير الملقحين ، ينتهك بصورة غير شرعية مبدأ المساواة المكفول في الدستور و الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية . و يعطل تالياً الأشخاص من ممارسة حقوقهم السياسية و المدنية في مجتمعهم .
و من ناحية أخرى ، فإن اللقاحات لم تحظى بعد بإجماع العلماء عليها، مما يعني أن فرضها على أي إنسان لا يرغب بها، غير جائز. و هذا ما أكدتّه المادة السابعة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بنصها على أن “لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب و لا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة. و على وجه الخصوص لا يجود إجراء أية تجربة طبية أو علمية على أحد دون رضاه الحر”.
و مقابل الإلزام بتلقي اللقاح هل تتحمل الدولة المسؤولية عن الأخطار التي قد تنجم عنه؟ خاصة و أن هناك فئة من الأشخاص مُنعوا من تلقي اللقاح، كمن يعانون من الحساسية التنفسية و النساء الحوامل و الأطفال الصغار لأن التجارب لم تشملهم .
و إنتهاك الدستور و الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و المواثيق الدولية لم يتوقف عند هذا الحد ، بل حتى أنه طال في إحدى المواضع الملقحين أيضا، و ذلك بفرض إبراز شهادة التلقيح للدخول للمطاعم و الفنادق و غيرها من المؤسسات السياحية، ما يشكل إنتهاك للحق بالخصوصية المكفول بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان و العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. حيث نص هذا الأخير في مادته السابعة عشر، على أن ” لا يجوز تعريض أي شخص على نحو تعسفي أو غير قانوني، لتدخل في خصوصياته أو شؤون أسرته أو بيته أو مراسلاته، و لا لأي حملات غير قانونية تمس شرفه أو سمعته”.
و المعلوم أن الشهادة الصحية تحمل معلومات لا يحق لأي شخص الإطلاع عليها باستثناء من خولهم القانون ذلك. فهل بات المواطن مجبراً لكي يمضي بعض الوقت في المقهى أو النادي أن يعرض بياناته الخاصة لصاحب المقهى . فهل أصبح أصحاب المقاهي و النوادي لهذه الناحية كالأطباء و أفراد الضابطة العدلية ؟؟
و ما بين الحرية الشخصية و السلامة العامة ، نعم فالأولوية للسلامة العامة، و هي مسؤولية الدولة و المواطن معا .
و لكن هل تم التأكيد و الجزم بأن الملقحين لن يكونوا عرضة للإصابة و تالياً لنقل العدوى للغير ؟ بالطبع لا ، لذا لا يمكن إجبار المواطنين على تلقي اللقاح ، على أن يبقى تلقيه خياراً شخصياً ، مع الإستمرار بالإجراءات الوقائية الأخرى، كالتشديد على ارتداء الكمامات في المرافق العامة و وسائل النقل ، و منع التجمعات الكثيفة، و ضرورة التباعد ، و التعقيم المستمر ..
و إن كان لا بد من حماية السلامة و الصحة العامة، فالسلامة العامة للمواطنين تُحمى عندما يلاحق مُحْتَكِري الدواء ، و السلع الغذائية… عندما تُجهز المستشفيات بالمعدات اللازمة لمعالجة المرضى … عندما تؤمن الكهرباء و المحروقات على الأقل في هذا الشتاء القاسي … عندما تُحرر السلطة القضائية من القيود السياسية ، للكشف عن مفتعلي جريمة أودت بحياة أبرياء و انتهكت السلامة العامة بأفظع مشهد …