أكثر من 50 دولة حول العالم أبرزها الولايات المتحدة ودول أوروبية واسكندنافية تجرم إكراه أي من الزوجين على ممارسة العلاقة الحميمية.
وبحسب دراسة للأمم المتحدة، تجرم أغلب الدول العربية الاغتصاب بشكل عام بعقوبات تصل أحيانا إلى السجن المؤبد. لكن لا توجد أي دولة عربية تجرم الاغتصاب الزوجي بنص صريح.
ماهو الاغتصاب الزوجي؟
أثار مشهد في المسلسل الرمضاني المصري “لعبة نيوتن”، يظهر زوجا يكره زوجته على ممارسة العلاقة الجنسية معه عنوة وضد رغبتها، جدلا كبيرا حول “الاغتصاب الزوجي” ما بين مطالبات بتجريمه وبين من ينكر وجوده من الأساس.
ازداد الجدل في الشارع المصري بعد ظهور سيدة على وسائل التواصل تحكي عن تجربتها متهمة طليقها، وهو أحد الكوميديين والمغنيين المصريين، باغتصابها وهو الأمر الذي نفاه طليقها.
الجدل استمر خاصة على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي. على موقع فيسبوك وثقت صفحة اتكلمي\Speak UP المعنية بالعنف ضد المرأة ما تقول إنها 700 شهادة من سيدة تشكو من التعرض للاغتصاب على يد الزوج.
نصدق الناجيات من الاغتصاب الزوجي“
تتساءل كثيرات عن الفائدة من تجريم حالات الاغتصاب الزوجي إذا كان سيصعب إثبات هذا الجرم الذي يحدث في غرف النوم. ويسخر بعضهم قائلا هل يتعين الآن وضع كاميرات في المنزل تحسبا لوقوعه؟
تقول مديرة منظمة نظرة المصرية للدراسات النسوية، مزن حسن، إن هناك طرقا مختلفة للإثبات. “لا نستطيع أن نتحمل وحدنا التعنيف ثم يقع علينا وحدنا بعدها عبء الإثبات ومواجهة العواقب المجتمعية”، وأضافت مزن أن البداية تكون في تغيير النظرة للقضايا المتعلقة بالعنف ضد المرأة و”تصديق الناجيات والكف عن ثقافة إلقاء اللوم على المرأة هي البداية. وهناك طرق للإثبات عن طريق الحمض النووي مثلا وطرق أخرى استعانت بها الدول التي تعد الاغتصاب الزوجي جريمة. ولكننا نحتاج لإجراءات قانونية مختلفة”
الاغتصاب الزوجي وعلاقته بالعنف الأسري
لا تختلف الأوضاع كثيرا في تونس، والتي ينظر إليها عادة على أنها من الدول الرائدة في المنطقة العربية فيما يخص حقوق المرأة. ولكن عندما يتعلق الأمر بالاغتصاب الزوجي، لا تجرمه تونس صراحة وإن كانت قد تشمله في إطار ممارسة العنف بشكل عام.
تقول أستاذة القانون في الجامعة التونسية، حفيظة شقير، إن: “القانون 58 لسنة 2017 يجرم جميع أشكال العنف ضد النساء مهما كان مرتكبوه وأيا كان مجاله.” وهو ما يعني أنه يمكن تضمين الاغتصاب الزوجي ضمن جرائم العنف، ولكن الأزمة لا تكمن في النصوص القانونية بحسب شقير التي تضيف أنه “حتى عندما تتقدم الزوجة بشكوى الاغتصاب الزوجي، فالقاضي بصفة عامة يرفض قبول الشكوى بدعوى أن ركنا أساسيا في الزواج هو الإنجاب وتعاطي العلاقات الجنسية عادة في البلدان العربية يكون حسب إرادة الزوج”.
“دفع المهر لا يعطي الموافقة المطلقة”
حاولت بعض الدول العربية الدفع بسن قوانين تجرم الاغتصاب الزوجي، ففي 2014 تقدمت مجموعة من المنظمات الحقوقية اللبنانية بمشروع قانون لتجريم العنف الأسري.
وتضمن المشروع تجريم الاغتصاب الزوجي لكنه قوبل بمعارضة شديدة في مجلس النواب آنذاك بسبب “اعتراض الطوائف الدينية عليه” كما تقول مديرة منظمة كفى اللبنانية المدنية، ليلى عواضة، التي شاركت في مشروع القانون.
وتضيف عواضة أن الطوائف الدينية اعتبرت أن “العلاقة الجنسية حق من حقوق الزوجية التي لا يمكن للزوجة الامتناع عن ممارستها إلا لسبب مشروع”. انتهى الأمر بحذف هذا البند من القانون وتجريم الضرب والإيذاء أو التهديد والإكراه لممارسة العلاقة الزوجية.
عارضت المجموعات المدنية تسمية العلاقة الزوجية “بالحقوق الزوجية” وكأن “دفع المهر يعطي موافقة مطلقة” بحسب عواضة التي أضافت أن “هذه إهانة للرجل ولدينه أيضا لأن ذلك يحول مؤسسة الزواج لمؤسسة دعارة لدفع الأموال مقابل الخدمة الجنسية”. كما أن تجريم الضرب والإيذاء لا يشكل فارقا كبيرا لأنه غير قانوني بأية حال بحسب المؤسسة التي تعمل على ملف العنف الأسري.
القوانين وحدها لاتكفي
في 2020، أجرت الأمم المتحدة دراسة في 9 دول عربية شارك فيها أكثر من 16,000 شخص بين رجال ونساء. كانت النتيجة أن واحدا من كل 3 مشاركين يوافق على أنه يتعين على النساء تحمل العنف من أجل استمرار الأسرة.
هناك تقبل مجتمعي للعنف في منطقتنا”، تقول منال بنكيران، مسؤولة ملف العنف ضد المرأة في المكتب الإقليمي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة للدول العربية.
فقد أجرت الأمم المتحدة دراسة في 4 دول عربية – هي مصر والمغرب ولبنان والأراضي الفلسطينية – وسئل المشاركون عن رأيهم في حق المرأة رفض العلاقة الزوجية، وهو ما وافق عليه أغلب المشاركين. ولكن عندما سئلوا حول سن قوانين لتجريم العنف الأسري، تضاءلت نسبة الموافقة.
تقول بنكيران إن التغيير سيبدأ باتخاذ إجراءات على مستويات مختلفة تشمل “سن قوانين رادعة لحماية النساء ضحايا العنف بما في ذلك ضحايا الاغتصاب. ولكن يجب أيضا العمل مع المجتمعات لتغيير الأفكار السائدة حول العنف كما يجب توفير خدمات لمساعدة ضحاياه”.
المصدر: ” بي بي سي نيوز “