بعد أن رفعت دعوى قضائية في فرنسا لكشف مصدر ثروة حاكم المصرف المركزي اللبناني رياض سلامة، قالت محامية في منظمة “شيربا” غير الحكومية إنها تتوفر على أدلة تفيد بأن هناك “عمليات تمت خارج القانون ويدينها القانون الفرنسي”.
وقامت فرنسا بفتح تحقيق لتحديد مصدر ثروة حاكم المصرف المركزي اللبناني في أوروبا، بعد أن أثارت شكوك العدالة.
وفتح هذا التحقيق مكتب المدعي العام المالي الوطني في قضية “ارتباط اجرامي” و”غسيل أموال منظم”، وذلك في أعقاب شكاوى تلقاها في شهر أبريل الماضي.
وقدمت الشكوى الأولى من طرف مؤسسة “أكونتابيليتي ناو” السويسرية، والثانية جاءت من منظمة “شيربا” غير الحكومية التي تكافح الجرائم المالية الخطيرة، وتمثل “تجمع ضحايا الممارسات الاحتيالية والإجرامية في لبنان”، وهي مجموعة ولدت من رحم الأزمة الاقتصادية التي ضربت البلاد منذ عام 2019، يعتقد المنخرطون فيها أنهم تعرضوا للسلب والنهب خلال الأزمة وهم من دفعوا إلى تقديم الشكوى ضد حاكم مصرف لبنان.
وفي اتصال موقع “سكاي نيوز عربية” مع محامية منظمة “شيربا” وتجمع ضحايا الممارسات الاحتيالية والإجرامية في لبنان، أنا أميلي لوفيفر، أكدت أنهم توصلوا من المشتكين بعدة دلائل ومعلومات تفيد بأن هناك عمليات تمت خارج القانون ويدينها القانون الفرنسي، تتمثل أساسا في الرشوة وغسيل الأموال والاختلاس.
وتضيف: “هذه الدلائل تظهر أن مسؤولين عدة من لبنان، يتوفرون على ثروات هائلة، خصوصا عقارات فاخرة جدا في أوروبا وخارجها، لا تتناسب ومدخولهم الشهري من وظيفتهم في لبنان. ولو لم تكن حججنا قوية لما تم فتح تحقيق بهذا الحجم”.
تحقيق طويل وتجميد أموال ممكن
وتؤكد لوفيفر في المقابل: “نحن في الخطوة الأولى ومن الصعب إعطاء تقدير للوقت اللازم للادعاء لإجراء التحقيق. من المتوقع أن تستغرق التحقيقات المختلفة وقتًا لأن المبالغ المعنية فلكية وأنظمة غسيل الأموال والفساد متطورة للغاية وتمت بشكل واسع النطاق يتخطى حدود فرنسا، كما أنها تسعى إلى تحديد كل الشخصيات اللبنانية المتورطة في التهريب الهائل لرأس المال اللبناني، بالإضافة إلى المسؤولين الفرنسين الذين سهلوا وتوسطوا لتتم عمليات التبيض وتحويل الأموال بنجاح رغم كل القيود التي تفرضها البنوك”.
وتتهم الشكوى كلا من رياض سلامة وأربعة من المقربين منه (شقيقه رجا ونجله نادي، وأحد أبناء أخيه مروان عيسى الخوري وأحد معاونيه في البنك المركزي اللبناني، ماريان الحويك).
وتوضح أنه في حال توصل التحقيق إلى إدانة المسؤول المصرفي اللبناني قضائيا، “فإنها إلى جانب المحامي ويليام بوغضون العامل على الملف، ستسعى إلى تقديم المزيد من المعلومات التي تعيد الحقوق إلى أصحابها”.
وتختم المحامية أميلي لوفيفر حديثها لموقع “سكاي نيوز عربية” بالتأكيد على أن تجميد أصول الشخصيات المعنية “ممكن”، مضيفة أن “هذا القرار يعود إلى النيابة المالية، ولكن بشكل عام، فإن تجميد الأصول يسير جنباً إلى جنب مع فتح تحقيق، خاصة في القضية الحالية المتعلقة بغسيل الأموال”.
في المقابل، يشكك الحاكم المصرفي اللبناني في هذه الأرقام. وبحسب جريدة “لوموند” الفرنسية، أوضح أن “أصوله الشخصية بلغت 23 مليون دولار” عندما تولى منصبه عام 1993 وأن “نمو أصوله، منذ ذلك الحين، نتج عنه استثمارات لا تتعارض مع الالتزامات المرتبطة بواجباته المهنية في المصرف”. فيما اعتبر محاميه، بيير أوليفييه، أن الأمر يتعلق “بشكل أساسي بعملية سياسية”.
ويتماشى هذا التحقيق الجديد مع ما يسمى بقضايا “المكاسب غير المشروعة”، التي تبحث فيها العدالة الفرنسية نتيجة كفاح العديد من المنظمات غير الحكومية.
وسبق لفرنسا أن فتحت تحقيقات مشابهة في أصل الثروات للعديد من القادة الأجانب، بعد أن تم التشكيك في احتمال الحصول عليها عن طريق اختلاس المال العام في بلادهم.
المصدر: ” سكاي نيوز “