بمُناسبة اليوم العالمي للامتناع عن التدخين الذي حدّدته «منظّمة الصحّة العالميّة» في 31 مايو (أيّار) من كلّ عام، تتكرّر الحملات المُشجّعة على التوقّف عن هذه الآفة المسؤولة عن إزهاق أرواح الملايين حول العالم.
يكمن الهدف النهائي من اليوم العالمي للامتناع عن التدخين، في حماية الأجيال من العواقب الصحّية المدمّرة للتدخين بأشكاله، ومن المصائب الاجتماعيّة والبيئيّة والاقتصاديّة المترتّبة على تعاطي التبغ، والتعرّض لدخانه. وحسب مدير عام «منظّمة الصحّة العالميّة» د. تيدروس أدهانوم غيبريسوس في تصاريح صحافيّة، فإن «التدخين يقتل 8 ملايين شخص كل سنة، ولكن إذا احتاج المدخّنون إلى المزيد من التحفيز للإقلاع عن هذه العادة، فإن الجائحة توفّر الحافز المناسب»، إذ تشير الدلائل حسب «المنظّمة»، إلى أن المدخّنين أكثر عرضةً للإصابة بحالات حادّة من مرض «كوفيد-ا19»، مقارنة بغير المدخّنين. لكن، على أرض الواقع، تفيد دلائل كثيرة أخرى أن الحجر الصحّي الوقائي زاد من استهلاك التبغ. حسب الاختصاصيّة في أمراض الرئة الدكتورة أديل جميّل، إذ لم تلاحظ أن «مرضاها من المدخّنين غيّروا عاداتهم جرّاء الجائحة».
الطبيبة دائمة النصح لمرضاها بالإقلاع عن التدخين، تشرح أنّه «المسبّب الرئيس لأمراض عدة، على رأسها الانسداد الرئوي المزمن COPD الذي يؤشّر إلى مجموعة من الأمراض (الانتفاخ الرئوي والتهاب الشعب الهوائيّة المُزمن والاضطراب الوراثي الذي يتسبّب بانخفاض مستويات بروتين (ألفا -1 المضاد للتريبسين)، ويقوم بإعاقة مرور كمّية كافية من الهواء خلال الرئتين».
عوارضه: السعال المزمن، مصحوباً بالبلغم، وضيق النفس مع بذل المجهود القوي، ثمّ مع أقلّ مجهود، وصولاً إلى أداء الاعمال الروتينيّة، كارتداء الملابس، مع تطوّر الحالة. يجعل المرض المذكور المُصاب يحتاج إلى جهاز الأُكسجين للتنفّس أو دخول قسم العناية في المستشفى مراراً، مع إفادة الطبيبة بأن العقاقير الطبّية قد تخفّف العوارض وتقلّص مرّات دخول المستشفى، لكن لا حلّ نهائيّاً قبل الانقطاع عن التدخين أو التدخين السلبي.
تنوّه الطبيب أنه في السابق، كان مرض الانسداد الرئوي المزمن أكثر انتشاراً في صفوف الذكور بيد أنه بات يصيب الذكور والنساء على السواء، لارتفاع عدد المدخّنات. وتلفت إلى أن غالبيّة المصابين بالانسداد الرئوي المزمن قد يعانون من القلق والاكتئاب.
إشارة إلى أن المصابين بمرض الانسداد الرئوي المزمن هم أكثر عرضة لخطر الإصابة بمرض القلب وسرطان الرئة، وسرطانات أخرى. لذا، تقول الطبيبة إنّ «حالات سرطان الثدي ترتفع في صفوف النساء المصابات بالانسداد الرئوي، وذلك في سنّ مبكّرة، بخاصّة في وجود تاريخ عائلي من حالات سرطان الثدي، ما يستدعي الخضوع للتصوير الشعاعي للثدي (ماموغرافي) في كلّ سنة». وينسحب الأمر على كل أنواع السرطانات.
المسرطنات في الشيشة!
لا يستقيم الحديث عن مساوئ التبغ من دون ذكر الشيشة واسعة الانتشار في العالم العربي، والمدخّنة من قبل صغار السنّ. الشيشة ذات الدخان المشبّع بالقطران وأوّل أُكسيد الكربون والمعادن الثقيلة والمسرطنات والنيكوتين. وفي هذا الإطار، تُثير الطبيبة أمر استنشاق مدخّني الشيشة أول أُكسيد الكربون والدخان أكثر، مقارنة بمدخّني السجائر، بخاصّة أن جلسة نفث دخان الشيشة قد تطول.
في شأن الفتيان والفتيات من مدخّني الشيشة، تذكر الطبيبة عواقب العلّة، كالإبطاء في تكوّن الرئة، وعملها بكفاءة أقلّ، والإصابة في الانسداد الرئوي المزمن في وقت لاحق.
خطوات مساعدة
تبدأ خُطوات الإقلاع عن التدخين في اتخاذ القرار، والأخير قد لا يتطلّب في حالات كثيرة تدخّل العلاج السلوكي أي حين يقوم المعالج بوضع خطة لتغيير هذه العادة أو الظروف التي تؤدي إلى التدخين، علماً أنّ كلّ حالة تتجاوب بصورة مختلفة، مع طرق التخلّص من المادة الإدمانيّة المتمثّلة في التبغ، سواء على الصعيد الجسدي أو النفسي. في المقابل، كثيرة هي مثبطات القرار، ومن بينها التلهّف إلى التدخين مجدّداً وزيادة الوزن والإصابة بالإمساك.
وتتحدّث الطبيبة عن بدائل التدخين الموافق عليها من «إدارة الغذاء والدواء» الأميركيّة، والمتمثّلة في:
• لصقات النيكوتين التي توضع على الجلد، وتطلق كمّية من النيكوتين داخل الجسم، مع ضرورة تبديلها في كلّ يوم.
• علكة النيكوتين التي تحتوي على كمّية قليلة من النيكوتين، مع إمكانيّة مضغ علكة واحدة منها كلّ ساعة أو ساعتين.
• مجموعة من الأدوية، كحبوب الـ«بوبروبيون»، مضاد الاكتئاب الذي يساعد في تقليل الرغبة الشديدة في تعاطي التبغ وأعراض الانسحاب عبر زيادة مستويات بعض المواد الكيميائيّة في الدماغ، وحبوب الـ«فارنيكلين» الذي يكبت مستقبلات النيكوتين في الدماغ.
إلى ذلك، تثير الطبيبة أمر التغذية المتوازنة المُساعدة في رحلة الإقلاع عن التدخين، كما المواظبة على النشاط البدني، وتثمّن أهمّية الدعم النفسي من المحيطين. لكن، تحذّر من السيجارة الإلكترونيّة، والأخيرة تشغّلها البطّارية التي تسخن سائلاً محوّلةً إيّاه إلى بخار قابل للاستنشاق، وتقول إنّه من غير المعترف بها من الهيئات الصحّية الموثوقة، ولها مساوئ متعلّقة في رفع خطر أمراض الرئة، كالالتهاب الرئوي، وجعل المريض في حاجة للأُكسجين.
المصدر: ” سيدتي “