ينعاد على كلّ أمّ بهالدّني… بقلم: كريستابيل نجم

أخبار عربية – مقالات

كريستابيل نجم

“ماما” أوّل كلمة يتلفّظ بها الطفلُ ببراءةٍ وحنيّة. “ماما” هي أوّل شخص يهتف له القلب نجدةً، حبًا وخوفًا. “ماما” هي ذاك الكائن الّذي بإمكانه أن يمتلكَ الدنيا دون أي مقابل، دون أيّ منصب ولا مال، بل بضحكةٍ من أبناءها فتحارب عندها الدّنيا كمحاربٍ شريف، بكلّ عزمٍ وفخرٍ لرؤيتهم سالمين وتودِعُ بهجةً فائقةً في قلوبِ أحبائها، لأنَّها الدّعمُ الأساسي والأبديّ لهم.

أَمَلاكٌ هي الأمُّ فتملك أجنحةَ السّلام، لتحلّقَ عاليًّا وتراقبنا من بعيدٍ؟ أَأسطورةٌ هي، فلا يصادف لها مثيل البتة؟

“ماما” كانت طفلةً بذاتها، قدّرها الله لتصبحَ أمًّا، بعدما ترعرعت في حضنِ أمّها وعلّمتها الحياة كيفية مزاولة مهنة الأمومة والحضانة. “ماما”، هي أيضًا الّتي أعطتِ الحياةَ لرضيعٍ ليس ابنها بالفعل ولكنّها أعادته إلى أحشائها مجددًا فور مناداته بِبُني فقبلّت وجنتاه وغمرته بشدَّةٍ حتى لا يشعرَ بالوحدة.

ناشدنا القانونَ لحمايةِ المرأة من العنف المنزلي والزواج المبكر ولكنّه أبى أن يرعاها. ألَوْ تكلمنا بلغةِ الأم، كان أعادَ القانون تدوير نصوصه مجدّدًا ليدافعَ عنها ويسمح لها بأن ترسمَ قدرَها بيدها؟ شاءَ البعدُ أن يفرِّقَ بعضَ الأمهات عن أولادهن، لربّما عاكسهُنَّ القدرُ فامتنعنَ أو مُنعنَ من رؤيتهم جرّاء ظروفٍ قاهرةٍ أو أنّ الموتَ غلبهم أشواطًا، فودعنَ أولادهنَ باكرًا وقرّرن مراقبتهم من السماء.

أمهاتٌ كثيراتٌ تحتفلنَ اليومَ بعيد الأم وهنَّ خلفَ القضبان ظلمًا، لم يرأف بهنَّ أيُّ حاكمٍ شاركَ بعذابهنَّ قيصريًا وبسجنهم لسنواتٍ عديدةٍ دون إعادة النّظر ِفي الحكم الصادر. نساءٌ عديدات لا يملكنَ القدرةَ على السيرِ أو الرؤية أو السّمع ولكنّهنَ رافقنَ أولادهنَ في خطواتهم الأولى وتمكنَّ من رؤيتهم يبتسمون ويلعبون وشعرنَ بكلماتهم الأولى.

إلى كلّ أمٍّ عملت جاهدةً نهارًا وليلًا لإعانة عائلتها وحدها، إلى كلّ زوجة لم تملك القدرةَ على الإنجاب وبعد محاولاتٍ عدَّة امتُحِنت بالأمومة، إلى كلّ والدة فقدت أحدَ أبنائها دون سابق إنذار فعاتبت الحياةَ وجعًا. إلى كلّ جدَّةٍ، أحبَّت أحفادها بصدقٍ وإلى كلّ امرأةٍ جازفت بالحمل رغم خطر الولادة عليها. إلى من امتنعت عن الإجهاض رغم تشوُّه الجنين، إليكنَّ ألفَ تحية. كلَّ عامٍ وأنتنَّ بخيرٍ ونشاطٍ وازدهار.