أخبار عربية – تونس
حشدت حركة “النهضة” التابعة لجماعة “الإخوان المسلمين” في تونس، السبت، عشرات الآلاف من أنصارها في العاصمة في استعراض للقوة ربما يؤجج خلافاً سياسياً أصاب الحكومة بالشلل وسط أزمة اقتصادية غير مسبوقة.
وهذه واحدة من أكبر المظاهرات في تونس منذ ثورة 2011. وردد عشرات الآلاف من أنصار “النهضة” المشاركين في مسيرة بشارع محمد الخامس بوسط تونس العاصمة هتافات “الشعب يريد حماية المؤسسات” و”الشعب يريد الوحدة الوطنية” و”الشعب يريد حماية الدستور” و”لا رجوع للدكتاتورية”.
ودعمت حركة “النهضة” بقيادة رئيس البرلمان راشد الغنوشي رئيس الوزراء هشام المشيشي في مواجهته بشأن تعديل وزاري مع رئيس البلاد قيس سعيد، الذي وصف التظاهرات بـ”مظاهر إفلاس سياسي”، مؤكداً أنه لا يتحرك إلا وفق مصالح الشعب فقط.
وأجج الخلاف جدالاً على مدى أشهر بين الرجال الثلاثة في أحدث أزمة سياسية تشهدها تونس منذ أن أدت انتخابات 2019 إلى ظهور برلمان مشرذم بينما دفعت سعيد، المستقل، إلى سدة الرئاسة.
وقال راشد الغنوشي في كلمة لأنصاره: “هذا شعب الثورة. الثورة مازلت حية ولم تنم.. ندعو الجميع إلى الوحدة والحوار وتونس تتسع للجميع بعيداً عن الإقصاء”.
وأضاف: “الشعب يقول كلمته اليوم نريد الديمقراطية ونرفض الشعبوية”.
في المقابل، قالت الرئاسة التونسية إن الرئيس قيس سعيد أكد أنه سيواصل تحمل الأمانة والبقاء على العهد والعمل بنفس العزم والقوة والإرادة انطلاقاً من نفس الثوابت التي تقوم على الصدق.
وأكد سعيد أنه “لا يتحرك وفق حسابات البعض أو ترتيباتهم بل وفق المبادئ التي عاهد عليها الشعب التونسي”.
وأضاف: “لن نقبل بأي مقايضة في حق الشعب التونسي أو تتعلق بسيادة تونس”.
كما شدد الرئيس التونسي على أن “لتونس من الإمكانيات الكثير، يكفي أن تتوفر الإرادة الصادقة في تحقيق حلم الشعب التونسي في الشغل والحرية والكرامة الوطنية”.
وفي شارع الحبيب بورقيبة غير بعيد عن مظاهرة “النهضة”، خرج مئات من حزب العمال الذي يقوده حمة الهمامي في احتجاج ضد النظام. ورفع المحتجون شعارات “الشعب يريد إسقاط النظام” و”فاسدة المنظومة حاكم وحكومة”. وجرت المظاهرات دون أي أعمال عنف.
كما يأتي الخلاف على خلفية قاتمة من المخاوف الاقتصادية والاحتجاجات الغاضبة وخيبة أمل واسعة في الديمقراطية ومطالب إصلاح متعارضة من المقرضين الأجانب والاتحاد العام التونسي للشغل مع قرب أجل سداد ديون سيادية.
وكان سعيد قد عين المشيشي رئيساً للوزراء في الصيف الماضي عندما انهارت الحكومة بعد خمسة أشهر فقط من توليها المسؤولية، لكن سرعان ما دب الخلاف بينهما.
وسعى المشيشي بعد ذلك إلى نيل دعم أكبر حزبين في البرلمان، وهما “النهضة” و”قلب تونس” الذي يرأسه قطب الإعلام المسجون نبيل القروي.
وغير المشيشي الشهر الماضي 11 وزيراً في تعديل وزاري يُنظر إليه على أنه إبدال لحلفاء رئيس البلاد بحلفاء لـ”قلب تونس” و”النهضة”. لكن الرئيس رفض أن يؤدي أربعة منهم اليمين، قائلاً إن الرفض يتعلق بشبهات تضارب في المصالح.
في غضون ذلك، وفي أثناء احتجاجات الشهر الماضي على عدم المساواة وانتهاكات الشرطة، صب المحتجون جام غضبهم على المشيشي و”النهضة”.
ووصفت حركة “النهضة” احتجاج السبت بأنه “دعم للديمقراطية”، لكنه يُعتبر على نطاق واسع محاولة لحشد التأييد الشعبي ضد سعيد، مما يثير شبح خروج حركات احتجاجية متنافسة قد تؤدي إلى استقطاب أو عنف.
وتتوقع ميزانية تونس للعام الحالي أن تبلغ حاجات تونس من القروض 19.5 مليار دينار (7.2 مليار دولار)، منها حوالي خمسة مليارات دولار قروضاً خارجية.
وانخفض التصنيف الائتماني للبلاد منذ بدء تفشي جائحة كورونا، كما ارتفعت كلفة التأمين ضد التخلف عن سداد الديون السيادية في الأسابيع الأخيرة، مما يُظهر مخاوف السوق إزاء القدرة على جمع الأموال.
ومع ذلك، يعارض الاتحاد العام للشغل مطالب المقرضين الأجانب بتخفيضات طويلة الأجل في الإنفاق الجاري، وهي المطالب التي يمكن أن تؤدي إلى تقليص مؤلم لبرامج الدولة مما قد يزيد من عدم استقرار الحكومة.