أخبار عربية – بيروت
طالب سفراء دول عدة، الخميس، أبرزهم السفيرة الأميركية بوضع حد لثقافة الإفلات من العقاب السائدة في لبنان، خلال مشاركتهم في مراسم تكريم الباحث والناشط السياسي لقمان سليم في دارة عائلته في الضاحية الجنوبية لبيروت.
وبعد أسبوع من العثور عليه مقتولاً بالرصاص في جنوب البلاد، نظمت عائلة سليم مراسم تكريم لفقيدها في حديقة دارتها في منطقة حارة حريك، حيث أقامت له نصباً تذكارياً. وحضر المراسم التي تخللتها تلاوة صلوات من رجال دين مسلمين ومسيحيين عدد من الدبلوماسيين الغربيين والأصدقاء بغياب تمثيل رسمي لبناني.
ولقمان سليم (58 عاماً) باحث ومفكر عمل في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان وتوثيق ذاكرة الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990) والتوعية على أهمية المواطنة والمساواة في بلد يعاني من انقسامات وصراعات سياسية وطائفية عميقة.
وينتمي سليم إلى الطائفة الشيعية، لكنه كان من أشد المنتقدين للقوة الشيعية السياسية والعسكرية الأكبر في لبنان، “حزب الله”. ولم يمنعه ذلك من تحويل دارة عائلته في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل الحزب المدعوم من إيران، إلى مقر لعمله ونشاطه ومركزاً لجمعية “أمم” للتوثيق والأبحاث التي أسسها.
وقالت السفيرة الأميركية دوروثي شيا خلال مشاركتها في مراسم التكريم، في زيارة نادرة لدبلوماسي أميركي إلى الضاحية الجنوبية لبيروت، مخاطبة عائلته: “لقد سُلبتم وحُرمنا جميعنا من رجل عظيم، إنه فعل بربري، غير مقبول ولا يمكن أن يُغتفر”.
وأضافت: “كان شخصاً لا يتعب ولا يكل في مساعيه من أجل مصالحة الشعب اللبناني وتعزيز الحرية”، مشددة على أن “هذه الجهود لا يمكن ولن تُقمع بالخوف والعنف”.
وتابعت: “ننضم إليكم في المطالبة بالمحاسبة عن هذه الجريمة المروعة”.
وشدد السفير الألماني أندرياس كيندل خلال كملة ألقاها على وجوب عدم نسيان “ما حدث الأسبوع الماضي”، مؤكداً: “نريد ونحتاج إلى تحقيق شفاف وإلى وضع حد للإفلات من العقاب”.
بدورها، أكدت السفيرة السويسرية مونيكا شموتز كيرغوتز على أهمية “المحاسبة”. وقالت إن بلادها “خسرت صديقاً” لكنها ستواصل دعم المشاريع التي عمل عليها.
واستعانت مراكز أبحاث عدة ومنظمات غير حكومية ودولية بخبرة لقمان سليم ومنشوراته نظراً لاستقلاليته وجرأته في تناول أكثر المواضيع حساسية. كما قدمت سفارات غربية عدة الدعم المالي لمشاريع توثيق ذاكرة الحرب والمفقودين.
وفي كلمة مقتضبة، حملت والدة لقمان سليم الباحثة والصحافية المصرية سلمى مرشاق رفاق ابنها والشباب مسؤولية “بناء بلد يليق بكم وبلقمان”، مضيفة: “الحمل ثقيل عليكم جداً”.
وقالت: “لا تستخدموا إلا العقل والمنطق، فالسلاح لا يفيد البلد ولم يفدني أنا كأم، لقد ضيع ابني”.
ووضعت العائلة، التي لم تفصح عما إذا أقامت مراسم الدفن، لوحة رخامية في وسط حديقة دارتها تخليداً لذكرى لقمان مرفقة ببيت شعر للمتنبي جاء فيه “وقفت وما في الموت شك لواقف كأنك في جفن الردى وهو نائم”.