أخبار عربية – بيروت
وقع الرئيس اللبناني ميشال عون، الثلاثاء، على الموافقة الاستثنائية بالإغلاق الكامل اعتباراً من الخميس 7 يناير، حتى صباح الأول من فبراير.
ويأتي الإغلاق الكامل في إطار مواجهة انتشار فيروس كورونا المستجد في البلاد، وذلك بناءً على اقتراح رئيس مجلس الوزراء واللجنة الوزارية المكلفة متابعة وباء “كوفيد-19”.
وسمحت الحكومة قبل عيدي الميلاد ورأس السنة للملاهي والحانات بفتح أبوابها، رغم ارتفاع الإصابات، في محاولة لإنعاش الاقتصاد المتداعي. وأثار ذلك انتقادات العاملين الصحيين الذين حذروا من أن معدل إشغال الأسرّة في وحدات العناية المركزة يرتفع بشكل خطير، بحسب وكالة “فرانس برس”.
وقال وزير الصحة حمد حسن، مساء أمس الاثنين، إثر اجتماع اللجنة الوزارية الخاصة بفيروس كورونا المستجد إن “قرار الإقفال اتخذ بإجماع اللجنة الوزارية، ورئيس الحكومة حسان دياب جمع كل الآراء ووحدها بقرار الإقفال العام من صباح الخميس حتى صباح الأول من فبراير 2021”.
وذكرت “الوكالة الوطنية للإعلام” الرسمية، أن حظر التجول الذي سيواكب الإغلاق سيسري “من الساعة السادسة مساءً حتى الساعة الخامسة صباحاً”.
من جهته، أوضح وزير الداخلية محمد فهمي، أنه “سيتم تقليص نسبة الوافدين عبر مطار بيروت خلال فترة الإقفال”، لافتاً إلى أن “قرار المفرد والمزدوج المتعلق بسير الآليات سيتم تطبيقه”.
وأفاد مسؤولون وأطباء في الأيام الأخيرة عن مستشفيات رئيسية تخطت طاقتها الاستيعابية مع ارتفاع عدد الإصابات بشكل كبير وحاجة عدد أكبر من المصابين لدخول أقسام العناية الفائقة. واضطر مصابون للانتظار لساعات طويلة في أقسام الطوارئ قبل تأمين أسرّة لهم.
وسجل لبنان معدلات إصابة قياسية بلغت أقصاها، الخميس، مع رصد 3507 إصابات، بعدما كان معدل الإصابات الوسطي يراوح بين ألف وألفي إصابة في الأسابيع السابقة. وتخطى عدد المصابين الإجمالي في البلاد أكثر من 189 ألفاً ضمنها 1499 وفاة على الأقل.
وكان رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب قال خلال اجتماع اللجنة الوزارية: “لا أسرّة شاغرة في عدد من غرف العناية الفائقة، وبالتالي نحن أمام حالة صعبة جداً ونحتاج إلى إجراءات استثنائية وصارمة وتشدد في تنفيذ التدابير”.
وكتب الطبيب فراس أبيض، مدير مستشفى رفيق الحريري الجامعي، في تغريدة عبر حسابه على “تويتر”: “في الآونة الأخيرة، تجاوز الارتفاع في أعداد حالات كورونا الزيادة في أعداد أسرّة العناية”.
ويخشى المسؤولون في لبنان انهيار المنظومة الصحية خصوصاً مع ارتفاع عدد الإصابات في صفوف الطواقم الطبية وعدم قدرتها على استقبال مرضى جدد. وبلغ عدد الإصابات في القطاع الصحي حتى الأحد، 1997 حالة بينها 12 وفاة.
ويأتي تزايد تفشي الفيروس في وقت يشهد لبنان أسوأ أزماته الاقتصادية التي ضاعفت معدلات الفقر، ما دفع جهات اقتصادية إلى الاعتراض على قيود الإغلاق.
ونجح أول إغلاق عام تم فرضه على مستوى البلاد في مارس بكبح انتشار الفيروس، قبل أن تُرفع القيود تدريجياً مع بداية الصيف.
لكن عدد الحالات ارتفع لاحقاً خصوصاً بعد إعادة فتح المطار ومن ثم في أعقاب انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس والذي أودى بأكثر من 200 شخص وجرح 6500 على الأقل.
وحذر خبراء القطاع الصحي من أن لبنان يتجه إلى وضع صحي “كارثي” بعد الارتفاع الكبير في عدد الإصابات بوباء “كوفيد-19” خلال فترة الأعياد فيما تقترب المستشفيات من الوصول إلى أقصى طاقاتها الاستيعابية.
وأعلنت بترا خوري مستشارة رئيس حكومة تصريف الأعمال للشؤون الصحية لـ”فرانس برس”، السبت الماضي، أن اللجنة الوطنية لمكافحة “كوفيد-19” ستجتمع لإصدار توصية للسلطات بفرض إغلاق جديد للبلاد لثلاثة أسابيع.
وشهد لبنان عدة إجراءات إغلاق منذ فبراير 2020 كان آخرها في نوفمبر. لكن تم تخفيف القيود بعد ذلك ما أدى إلى ارتفاع كبير في عدد الإصابات خلال فترة الأعياد.
والسبت، تحدث نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون عن وضع “كارثي” قائلاً لـ”فرانس برس” إن المستشفيات الخاصة في لبنان التي تستقبل مرضى “كوفيد-19” باتت “شبه ممتلئة”.
وأوضح أن هذه المستشفيات تخصص 850 سريراً للمرضى المصابين بينهم 300 في العناية الفائقة، قائلاً إن “المرضى يصطفون في الطوارئ في انتظار تأمين سرير”.
من جهتها، قالت بترا خوري إن “المشكلة هي أنه حين يدخل مريض ما إلى العناية المركزة فإنه يبقى فيها ثلاثة أسابيع”، ما يؤخر إمكانية إدخال مرضى آخرين.
وأضافت أن “التجمعات والسهرات الخاصة التي نظمت في عيد الميلاد ورأس السنة” ساهمت إلى حد كبير في ارتفاع عدد الإصابات، موضحة أنها “شكلت أكثر من 70% من الحالات الإيجابية” التي سجلت في الأيام الماضية.
وتابعت أن وحدات العناية المركزة في مستشفيات بيروت باتت ممتلئة “بنسبة أكثر من 90%”.
وقال الأمين العام للصليب الأحمر اللبناني جورج كتانة لـ”فرانس برس” إن “العديد من مستشفيات بيروت طلبت منا عدم نقل المرضى إليها، وبالتالي نحن ننقلهم إلى مستشفيات البقاع (شرق) والنبطية (جنوب)”.
وإلى جانب الأزمة الصحية الخطيرة، يعاني لبنان من أسوأ أزمة اقتصادية أدت إلى ارتفاع الفقر بمعدل الضعفين بحسب الأمم المتحدة. وسيتسلم لبنان في فبراير أول شحنة من اللقاحات المضادة لمرض “كوفيد-19”.