أخبار عربية – واشنطن
قررت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب فرض عقوبات جديدة على القطاع المالي الإيراني في تحدٍ لحلفاء طهران الأوروبيين الذين حذروا من أن هذه الخطوة قد تكون لها عواقب مدمرة على بلد يترنح بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد وتفاقم أزمة العملة المستمرة.
ونقلت صحيفة “واشنطن بوست” عن ثلاثة مسؤولين مطلعين قولهم إن هذه الإجراءات ستستهدف البنوك الإيرانية القليلة المتبقية التي لا تخضع حالياً لعقوبات ثانوية، في خطوة تقول الحكومات الأوروبية إنها من المرجح أن تقلل من القنوات التي تستخدمها إيران لاستيراد السلع الإنسانية، مثل الغذاء والدواء.
ويقول المدافعون عن الخطة، التي من المتوقع الإعلان عنها اليوم الخميس، إن زيادة إجراءات العزل للتجارة الإيرانية يتناسب مع جهود إدارة ترمب لشل الاقتصاد الإيراني وإجبار طهران على الجلوس على طاولة المفاوضات، وهي الاستراتيجية التي لم يتم التوصل إليها بعد.
كما يقول المدافعون عن الخطة إن وزارة الخزانة الأميركية يمكنها التخفيف من العواقب الإنسانية على طهران من خلال إصدار مذكرات تسمح لبعض الشركات بالمبيعات.
وتمثل هذه الخطوة، بحسب الصحيفة، زخماً كبيراً قبل الانتخابات الرئاسية لترمب ولإدارته التي نجحت في خنق الاقتصاد الإيراني، في حين لم تحقق النجاح في تخفيف سلوك طهران أو الحد من برنامجها النووي. فمنذ انسحاب الرئيس ترمب من الاتفاق النووي الإيراني في عام 2018، تجاوزت طهران حدود الاتفاق وخصبت المزيد من اليورانيوم أكثر مما كانت عليه قبل توقيع الاتفاق. كما شهد المسؤولون الأميركيون في العراق ارتفاعاً في إطلاق الصواريخ وهجمات أخرى من قبل الميليشيات المدعومة من إيران.
وبحسب “واشنطن بوست”، فإن الاقتراح بإدراج الصناعة المالية الإيرانية بأكملها على القائمة السوداء جاء من المسؤولين الإسرائيليين ومؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وهي منظمة أميركية غير ربحية تدعو إلى تغيير النظام في إيران.
وفي مقال رأي نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” في 25 أغسطس، كتب الرئيس التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، مارك دوبويتز، وريتشارد غولدبرغ، مستشار ترمب لشؤون الأمن القومي: “من أجل توجيه الضربة الاقتصادية القاضية في الجولة الثانية عشرة، حان الوقت لترمب لتسديد لكمة أخرى: بإدراج الصناعة المالية الإيرانية بأكملها على القائمة السوداء”.
وتشير الصحيفة إلى أن تبني هذا الإجراء يعتمد على أمر تنفيذي أصدره ترمب في يناير الماضي، والذي منح وزير الخارجية مايك بومبيو ووزير الخزانة ستيفن منوشين سلطة واسعة لفرض عقوبات على أي قطاع في الاقتصاد الإيراني.
ويأمل بعض الصقور من السياسيين الأميركيين في أن تؤدي هذه الخطوة في النهاية إلى انهيار الاقتصاد الإيراني، الذي تقلص بالفعل بسبب انخفاض مبيعات طهران من النفط وفرض مجموعة واسعة من العقوبات الأميركية على اقتصادات البلاد بعد انسحاب ترمب من الاتفاق.
ويقول مسؤولون إن إدارة ترمب كانت في البداية موافقة على فكرة فرض عقوبات شاملة على كامل القطاعات الاقتصادية لإيران، بسبب الضغوط المتواصلة التي بذلها الصقور وجوقة متزايدة من المشرعين من الحزب الجمهوري، بما في ذلك السيناتور تيد كروز، وتوم كوتون، والتي نجحت في دفع هذه السياسة قدماً.
أما بالنسبة لمعارضي هذه الخطة سواء من داخل إدارة ترمب أو خارجها، فالأمر يتعلق بالجانب الإنساني وإيصال السلع الإنسانية إلى إيران. ففي العام الماضي، استوردت إيران ما قيمته مليار دولار من السلع الطبية والحبوب أيضاً بقيمة 3.5 مليار دولار.
ويبدي المسؤولون الأوروبيون قلقهم من فرض عقوبات على المصارف الإيرانية المتبقية حيث سيتم تجميد أرصدة طهران في الخارج بحكم الأمر الواقع مما “يفاقم مشكلة شح العملات الأجنبية في إيران ودفع قيمة الواردات الإنسانية”.
وتنقل “واشنطن بوست” عن إسفانديار باتمانغيليج، مؤسس معهد “بورز آند بازار”، وهي مؤسسة فكرية تركز على الاقتصاد الإيراني، قوله إن هذه الخطوة من المرجح أن تفاقم المشكلة في انخفاض قيمة العملة الإيرانية، وتخلق أزمة سيولة حادة، كما سينظر إليها في الداخل الإيراني على أنها تصعيد كبير.
وقد تتخذ وزارة الخزانة الأميركية تدابير معينة للسماح بشراء السلع الأساسية من خلال إصدار تصاريح وصفت بأنها “مذكرات الراحة”، لكن المسؤولين الأوروبيين شككوا في فعاليتها. ويقول مسؤول أوروبي كبير: “حتى الاستثناءات الإنسانية الواضحة لا يمكن أن تكون ذات صدى فعال إلا بشكل محدود”.