أخبار عربية – بيروت
يحل عيد الأضحى على اللبنانيين هذا العام وسط غياب الأضاحي، بعدما بات نصفهم تقريباً تحت خط الفقر، بينما ارتفعت نسبة البطالة إلى 35 في المئة على الأقل، وفق تقديرات رسمية.
واعتاد عبد الرزاق درويش (54 عاماً) في كل عيد أضحى أن يذبح خروفاً ويوزع لحمه على الفقراء، لكنه يشعر اليوم بغصة كبيرة لعدم قدرته على أداء هذه الشعيرة رغم كونه جزاراً، بسبب الانهيار الاقتصادي الذي يرهق اللبنانيين منذ أشهر.
ويقول درويش لوكالة “فرانس برس”: “هذا العام هو الأسوأ في مصلحتنا بسبب الغلاء الفاحش”، مضيفاً: “يأتي موسم عيد الأضحى من دون أي إقبال على شراء اللحوم أو طلبات من الزبائن لذبح الخراف” لتقديمها كأضحية.
وعلى وقع الأزمة الاقتصادية الأسوأ التي يشهدها لبنان منذ أشهر، تدهورت قيمة العملة المحلية التي خسرت أكثر من 80 في المئة من قيمتها مقابل الدولار في السوق السوداء، فيما السعر الرسمي مثبت على 1507 ليرات.
وانعكس تدهور قيمة الليرة على أسعار السلع كافة وبينها اللحوم التي ارتفع سعرها ثلاثة أضعاف، في بلد يعتمد على الاستيراد لتأمين الجزء الأكبر من احتياجاته.
وأعلنت الحكومة مطلع الشهر الحالي دعم سلة غذائية تتضمن اللحوم المبردة. إلا أن درويش يؤكد أنه كسائر العاملين في قطاع اللحوم، لم يلحظ دعم الدولة لهم.
وعلى بعد أمتار من محل درويش، تجلس منى المصري (51 عاماً) على كرسي أمام منزلها المتواضع الصغير، هرباً من الرطوبة وانقطاع الكهرباء مع تأخر السلطات في رصد اعتمادات لتأمين الفيول في خضم الأزمة.
وبخلاف السنوات الماضية، لا تنشغل منى بأي تحضيرات للعيد بسبب الضائقة الاقتصادية. وتروي أنها توقفت عن شراء كميات قليلة من اللحم “بسبب تبدل أولويتنا”، وصارت تعتمد على الحشائش والخضار والحبوب في وجبات الطعام.
ويقول الشيخ نبيل رحيم، مدير إذاعة دينية محلية اعتادت أن تشكل صلة وصل بين الراغبين بتقديم الأضاحي والمحتاجين: “في العام الماضي، جاءنا متبرعون كثر.. لكن هذا العام تراجعت الأضاحي بشكل كبير جداً، بما يفوق 80 في المئة، ما يعني أن عيد الأضحى سيكون بلا أضاحي”.
ويربط رحيم تراجع مظاهر التكافل الاجتماعي في الأعياد “بشكل كبير، نظراً لأن الجزء الأكبر من اللبنانيين بعد الأزمة الاقتصادية باتوا مشغولين بأنفسهم وهمومهم الشخصية”.
وبحسب تقديرات للأمم المتحدة عام 2015، يعاني 26% من سكان طرابلس وحدها من فقر مدقع ويعيش 57 % عند خط الفقر أو دونه، إلا أن هذه النسب على الأرجح قد ارتفعت كثيراً مع فقدان كثيرين لوظائفهم أو جزء من مدخولهم على وقع الأزمة.
وبات نصف اللبنانيين تقريباً يعيشون تحت خط الفقر، بينما ارتفعت نسبة البطالة إلى 35 في المئة على الأقل، وفق تقديرات رسمية.
وفي الأسبوع الفاصل عن موعد العيد، اعتادت متاجر اللحوم والمسالخ أن تكتظ بروادها بخلاف هذا العام، إذ تغيب المظاهر الاحتفالية كافة عن المدينة التي كان سكانها في طليعة المتظاهرين ضد الطبقة السياسية خلال التحركات الشعبية التي شهدها لبنان منذ 17 أكتوبر.
كما تعذر هذا العام سفر الحجاج إلى مكة وكذلك جمع شمل عائلات كثيرة بسبب تفشي وباء “كوفيد-19” الناجم عن الإصابة بفيروس كورونا المستجد، وقيود السفر المفروضة حول العالم.