أخبار عربية – بيروت
استقال آلان بيفاني، العضو اللبناني الكبير بفريق التفاوض مع صندوق النقد الدولي من منصبه مديراً عاماً لوزارة المالية، وعزا استقالته إلى طريقة تعامل الزعماء السياسيين مع الأزمة المالية.
وقال المسؤول لقناة “الجديد” اللبنانية: “أسباب استقالتي تأتي اعتراضاً على طريقة تعاطي الحكم كله سوا مع الأزمة والمسار الذي نسلكه اليوم متهور وبموجبه فإن الشعب سيحترق سلافه”.
وأضاف بيفاني: “غير صحيح أني تلقيت تهديداً عبر الواتساب من رئيس حزب لديه مئات ملايين الدولارات مجمدة في المصارف”.
وتابع قائلاً: “أثبتنا أن مقاربتنا صحيحة وأرقامنا صحيحة”، في إشارة إلى خطة التعافي الحكومية المقدمة إلى صندوق النقد.
ثاني استقالة في شهر
وبهذا يصبح آلان بيفاني، الذي أكدت مصادر مسؤولة لوكالة “رويترز” نبأ استقالته، ثاني عضو بفريق لبنان في محادثات الصندوق يستقيل خلال الشهر الحالي.
وتعثرت المفاوضات مع صندوق النقد التي بدأت في مايو، بسبب الخلاف بين الحكومة والبنك المركزي بخصوص حجم الخسائر في النظام المالي وكيفية توزيعها.
وكان صندوق النقد قد ذكر سابقاً أن أرقام الحكومة تبدو في النطاق السليم من حيث الحجم، لكن بيروت بحاجة إلى التوصل لفهم مشترك من أجل المضي قدماً.
وفي وقت سابق من الشهر استقال هنري شاوول، مستشار وزارة المالية، من فريق محادثات صندوق النقد بلبنان قائلاً إن الساسة والسلطات النقدية والقطاع المالي “يعمدون إلى صرف الأنظار عن حجم الخسائر والشروع في أجندة شعبوية”.
إضراب واحتجاجات
وفي الأثناء، قطع محتجون غاضبون الطرق في مدينة طرابلس شمالي لبنان كما أغلق أصحاب المتاجر أبوابهم، فيما تظاهر آخرون أمام وزارة الاقتصاد في بيروت احتجاجاً على تردي الأوضع المعيشية في البلاد.
وشهدت طرابلس، الاثنين، قطعاً لعدد من طرقها الأساسية، وإغلاقاً للمحال التجارية على نطاق واسع في المدينة.
وأعلن محتجون وتجار الإضراب اعتراضاً على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وانهيار الليرة اللبنانية، امتداداً لما شهدته المدينة من احتجاجات غاضبة مساء الأحد بسبب الغلاء المستفحل والبطالة.
وفي العاصمة بيروت، تظاهر محتجون أمام وزارة الاقتصاد ضد الغلاء وارتفاع سعر صرف الدولار أمام العملة المحلية.
سعر صرف جديد
من جانب آخر، بدأت بعض المصارف اللبنانية اعتماد سعر صرف جديد للدولار في عمليات السحوبات البنكية للمودعين حدد بـ3850 ليرة للدولار الواحد.
ورفع عدد من المصارف سعر صرف الدولار المعتمد لتطبيق تعميمي مصرف لبنان 148 و151، المخصصين للسحوبات النقدية من الودائع بالدولار، إلى 3850 ليرة، بعدما كان 3000 ليرة.
وشهدت مناطق لبنانية عدة، الأحد، قطعاً للطرقات واحتجاجات ليلية، فيما وقعت صدامات بين الجيش ومحتجين في أنطلياس وجل الديب شمالي بيروت.
وقال ناشطون إن الجيش اللبناني استخدم القوة المفرطة بحق صحافيين وناشطين أثناء اعتصامهم.
إلى ذلك، انتشرت أنباء عن محاولة أنصار “حزب الله” الدخول بدراجاتهم النارية من الضاحية الجنوبية لبيروت إلى منطقة عين الرمانة شرقي العاصمة، إلا أن الجيش اللبناني منعهم وطوق مداخل الضاحية، “معقل” الحزب المدعوم إيرانياً.
وكان عشرات المناصرين لـ”حزب الله” خرجوا على دراجاتهم النارية، احتجاجاً على تصريحات للسفيرة الأميركية لدى بيروت، دوروثي شيا.
السفيرة الأميركية: طوينا الصفحة
والتقت شيا وزير الخارجية اللبناني، ناصيف حتي، وتطرقا إلى القرار القضائي الذي صدر أخيراً وناقشا المستجدات الحالية على الساحة المحلية.
وتطرقا أيضاً الى العلاقات الثنائية، وشددا على أهمية التعاون بين الحكومتين في المجالات كافة وذلك دعماً للبنان للخروج من الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها.
وأوضحت السفيرة الأميركية أن لقاءها مع الوزير ناصيف “كان جيداً وبلادي مستعدة لدعم لبنان طالما تتخذ الحكومة الخطوات الإصلاحية”.
وقالت: “اتفقت مع الوزير ناصيف على طي الصفحة بعد القرار المؤسف الذي جاء لتحييد الانتباه عن الأزمة الاقتصادية”.
من جهته، شدد الوزير ناصيف حتي على حرية الإعلام وحق التعبير، وناقش مع السفيرة بشكل صريح المستجدات الحالية على الساحة المحلية.
مازح إلى التفتيش القضائي
وفي سياق متصل، أكدت وسائل إعلام نقلاً عن مصادر قضائية لبنانية، الاثنين، أن مجلس القضاء الأعلى في البلاد استدعى القاضي محمد مازح، الذي أصدر قراراً يحظر على وسائل الإعلام التعامل مع السفيرة الأميركية لدى بيروت.
وتأتي الدعوة من أجل الاستماع إلى القاضي مازح بشأن خلفيات قراره، الذي أثار جدلاً كبيراً في لبنان، وفي حال ثبت أنه ارتكب خطأ قضائياً، قد يحال إلى التفتيش بعد تقديم استقالته.
ورجحت مصادر لبنانية أخرى أن يقدم القاضي مازح استقالته من منصبه في نفس توقيت الاستدعاء، وألا يستجيب لدعوة استدعائه من مجلس القضاء الأعلى في البلاد.
قرار مثير للجدل
وأصدر القاضي مازح قبل أيام قراراً غير ملزم أثار جدلاً واسعاً، إذ يحظر على وسائل الإعلام نشر أي تصريحات للسفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا، أو إجراء أي مقابلة معها بعد تصريحات أدلت بها بشأن “حزب الله”.
وجاء في قرار القاضي مازح، الذي أصدره السبت الماضي: “تمنع أي وسيلة إعلامية لبنانية أو أجنبية تعمل على الأراضي اللبنانية، سواء كانت مرئية أم مسموعة أم مكتوبة أم إلكترونية، من إجراء أي مقابلة مع السفيرة الأميركية دوروثي شيا أو إجراء أي حديث معها لمدة سنة”.
وكانت شيا قد قالت في مقابلة صحفية قبل أيام إن السياسة الأميركية تقضي “بتطبيق العقوبات المفروضة في إطار مكافحة الإرهاب ليس على حزب الله فحسب، بل كذلك على الجهات التي تقدم له الدعم المادي”.
وأفادت السفيرة الأميركية لدى بيروت أن الولايات المتحدة لا تزال تقيّم الدرجة التي يمكن من خلالها اعتبار أن حكومة رئيس الوزراء حسان دياب هي في الواقع “كما تقدم نفسها، حكومة تكنوقراط مستقلة ليست رهينة لحزب الله”.
وأشارت شيا إلى أن الولايات المتحدة “لم تر بعد ما كنا نأمل به من هذه الحكومة، أي خطوات ملموسة لتطبيق الإصلاحات التي يعد الاقتصاد بأمس الحاجة إليها”، في ظل أزمة اقتصادية ومالية واجتماعية غير مسبوقة في لبنان.