رسالة الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة المخدرات

أخبار عربية – القاهرة

أكد الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب، الدكتور محمد بن علي كومان، أن المخدرات باتت من أكثر المشاكل التي تواجه الإنسانية بفعل تطور أنماط الإنتاج والاستهلاك ووسائل الترويج، وقد امتدت آثارها إلى جوانب مختلفة: نفسية وعقلية وأمنية واقتصادية واجتماعية، وأصبح الاعتماد عليها خطراً يهدد الكثير من المجتمعات، بل زاد خطرها إلى درجة استخدامها كسلاح خفي بين الدول مستهدفة بصورة خاصة فئة الشباب وصغار السن، من أجل تحويلهم من قوى وطنية فاعلة إلى قوى مدمرة لذواتهم ولمجتمعاتهم.

وتعد تجارة المخدرات مصدراً مهماً لجني الأموال وتكوين الثروات الطائلة التي يستغلها تجار المخدرات في تبييض الأموال على حساب أمن وسلامة المجتمعات.

إن مايزيد من قلقلنا في هذا الجانب ما تؤكده الأرقام والمؤشرات من ازدياد مضطرد لهذه الآفة الخطيرة، والأساليب الخبيثة التي يستحدثها تجار المخدرات في تهريبها ونقلها وتوزيها، والشبكات المخفية المختصة بالتعديلات الجينية لبذور الحشائش والمخدرات، الأمر الذي يستلزم ابتكار أساليب أكثر فاعلية ونجاعة في التصدي لتجار المخدرات وترصدهم.

كما أن محاولات إنتاج وتهريب أنواع مختلفة من العقاقير والمواد ذات التأثير النفسي والعقلي إلى بعض الدول العربية، وبكميات متزايدة، يدل بما لا يدع مجالاً للشك على أن عصابات تهريب هذه المواد تواصل الاستمرار في مساعيها الرامية لإغراق المنطقة بالمؤثرات العقلية، التي تشهد تزايداً في أنواعها وكميات إنتاجها، ومعدلات الإقبال على تعاطيها والاتجار بها، حتى شارفت على أن تشكل تحدياً جديداً قائماً بذاته، في إطار السعي لمكافحة هذه الظاهرة البالغة التعقيد والشديدة الخطورة.

لقد كشف تقرير صادر عن الأمم المتحدة عام 2019 أن العواقب الصحية الضارة لتعاطي المخدرات أكثر حدةً وانتشاراً مما كان يعتقد سابقاً، مشيراً إلى أن حوالي 35 مليون شخص يعانون من اضطرابات تعاطي المخدرات عالمياً، وبحاجة إلى خدمات علاجية، والناظر اليوم إلى الإحصائيات المختلفة، التي تصدر عن الجهات المعنية في الدول العربية، وتلك التي تصدرها الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب، من خلال مكتبها المتخصص بشؤون المخدرات والجريمة، يرى بكل وضوح مدى تفاقم هذه الظاهرة في السنوات الأخيرة، إذ يكاد الارتفاع يطغى على جميع جوانب هذه المشكلة، وكل هذا مدعاة لأن نقف جميعاً، في صفٍ واحد، ضد هذا الانتشار والتزايد غير المسبوق في ظاهرة المخدرات، للحد منها ومكافحتها بكل الوسائل والطرق.

وفي هذا الإطار يولي مجلس وزراء الداخلية العرب أهمية بالغة لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية ومحاصرة كل طرق تمويلها وصنعها والاتجار غير المشروع فيها، ويحرص على تطويق هذه الظاهرة والحد منها، وقد وفر المجلس المناخ القانوني والفني والإداري المناسب لتنفيذ الإجراءات العملية الهادفة إلى مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية والوقاية منها بإعداد واعتماد الاستراتيجيات وعلى رأسها: الإستراتيجية العربية لمكافحة الاستعمال غير المشروع للمخدرات والمؤثرات العقلية، والخطط المرحلية المنفذة لها، والتي كان آخرها الخطة التاسعة التي اعتمدها المجلس عام 2019 والتي تضمنت مجموعة من التدابير لمواجهة التهديدات التي يشـكلها إدمان المواد المخدرة والمؤثرات العقلية على الفرد والأسرة والمجتمع في المنطقة العربية، هذا علاوة على إقراره للاتفاقية العربية لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية، في مطلع عام 1994، إيماناً منه بأن مواجهة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية هي مسؤولية جماعية مشتركة.

ويمثل الدرع العربي في مواجهة مشكلة انتشار المخدرات في المنطقة العربية، الذي اعتمده المجلس العام المنصرم أيضاً ركيزة أساسية للتصدي لهذه الظاهرة الفتاكة، وإضافة إلى ذلك، تمثل الآلية العربية للإنذار المبكر لرصد المستجدات في مجال المخدرات والمؤثرات العقلية وسيلة لضمان سرعة تمرير المعلومات والبيانات وتبادلها حول المواد المخدرة والمؤثرات العقلية وتشديد الرقابة عليها وفق ضوابط رقابية صارمة، وبناء مرحلة جديدة من التعاون البناء المشترك بين الدول الأعضاء لمواجهة العقبات والمتغيرات والتحديات والتهديدات الناتجة عن تنامي ظاهرتي الإتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية والإدمان عليها.

ولا تدخر الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب جهداً في هذا الإطار، وتسعى على الدوام إلى تعزيز التعاون العربي، لتطويق هذه المشكلة، والحد من آثارها وتداعياتها على المواطن العربي، فهناك جهود حثيثة تبذلها الأمانة العامة على صعيد تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء في علاج المدمنين وإعادة تأهيلهم، وتوفير الرعاية اللاحقة لهم لضمان عدم انتكاسهم وعودتهم إلى مستنقع الإدمان، حيث أقرت مؤخراً استحداث صندوق عربي لإنشاء وتطوير مراكز علاج المدمنين، ناهيك عما تبذله باستمرار من جهودٍ في سبيل الوقاية من هذا السم الزعاف ابتداءً، قبل الحاجة لمكافحته والبحث عن علاج لمن أدمن تعاطيه.

ونحن نحتفل مع الأسرة الدولية باليوم العالمي لمكافحة ظاهرة المخدرات، الذي يصادف السادس والعشرين من يونيو من كل عام نجدد التأكيد على أهمية تسخير كافة الوسائل الإعلامية لتوعية المواطنين بمخاطر تعاطي المخدرات على الفرد والمجتمع والدولة بشكل عام، وضرورة تكاتف الجميع لحشد الجهود المادية والبشرية والسياسية والقانونية للتصدي لهذه الآفة الخطيرة.