مارك ضو: لا لحكومة دياب.. ونعم لحكومات الظل والأحزاب الجديدة

أخبار عربية – بيروت

اعتبر الناشط السياسي المشارك في الحراك الشعبي في لبنان، مارك ضو، أن الحكومة الجديدة في البلاد لا تلبي مطالب الشارع، داعياً لإجراء إصلاح شامل للنظام.

ودعا ضو، في حديث لموقع “أخبار عربية”، الأشخاص والمجموعات المشاركة في الحركة الاحتجاجية إلى تشكيل “حكومات ظل” وأحزاب سياسية جديدة تقدم بدائل جدية عن الأحزاب التقليدية.

وقال ضو، الذي حل ضمن أفضل 100 شخصية نافذة في قطاع العلاقات العامة في الشرق الأوسط بحسب مجلة “PRWeek”، إنه كان محظوظاً لعدم نجاحه في الانتخابات النيابية الماضية، كون نجاحه كان سيدخله إلى البرلمان الذي يضم أحزاب السلطة الحاكمة، التي يحملها المتظاهرون منذ أكتوبر الماضي مسؤولية الانهيار الاقتصادي الذي تعيشه البلاد.

كما أكد على أهمية حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، في إشارة إلى “حزب الله” المدعوم من إيران، الذي يملك ترسانة كبيرة من السلاح.

ورأى ضو أن خطة السلام، التي أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترمب لحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، ستفشل في نهاية المطاف كونها غير عادلة بالنسبة للفلسطينيين، مشيراً إلى أن الحل الوحيد يكمن في دولة واحدة يتعايش فيها الجانبين.

وفي ما يلي النص الكامل للمقابلة:

لمذا يتظاهر مارك ضو؟

السبب بسيط، أنا ناشط سياسياً منذ زمن، وأعتبر أنه إذا لم يكن بلدنا بخير لن يكفينا أي إنجاز نحققه. لذلك، إذا كان أي أحد بإمكانه الوصول إلى نتيجة جيدة في عمله أو حياته الخاصة، عليه أن يحاول للوصول إلى نتيجة لأجل بلده.

كيف ترد على الانتقادات التي طالتك من مجموعة “حماية الثورة”، التي وجهت لك اتهامات باستغلال الاحتجاجات كونك من الطبقة “الميسورة” التي لا تحتاج للتظاهر؟

أولاً، لا أحد يعلم ما يوجد عند الآخرين. ثانياً، أعتقد أن الثورة بعيدة عن الفكر الطبقي. إنها مسألة حقوق، وحقوق كل الناس مسلوبة في هذا البلد. أي أحد يعاير الناس بحاجتهم للتظاهر، لا يفكر بنجاح الثورة. كلنا لدينا حقوق يجب أن نكتسبها معاً.

لمذا لا يعطي الحراك الشعبي فرصة للحكومة الجديدة؟

لأن المشكلة في لبنان أعمق من مسألة تركيبة حكومية واستبدال أشخاص بأشخاص آخرين. اليوم، نحن بحاجة لإصلاح كامل للنظام، أما حكومة حسان دياب فهي مثل “إبرة البنج”. هي مسألة تضييع وقت.

هذه الحكومة لا تبدو – من خلال جدول أعمالها وبرنامجها وتركيبتها وطريقة تسميتها – أنها تطمح لإجراء “النفضة” المطلوبة لإنقاذ لبنان من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية التي أوقعتنا بها الطبقة السياسية.

ما رأيك بما يسمى “العنف الثوري”؟

عندما تنزل الناس إلى الشارع لفترة طويلة دون الحصول على حقوقهم، فهذا مثل قيامك بزيارة لأصدقائك، وتقرع الباب مرة واثنين وثلاثة دون أن يفتح لك أحد، فحينها ستضطر أن ترمي الحجار على الشبابيك وتفعل أي شيء كي يفتحوا لك الباب.

هذا بالضبط الذي حصل أمام مجلس النواب في التظاهرات الأخيرة، حقوقنا عالقة في الداخل وسنُجبر على خلع الباب. أنا أتفهم الناس التي لديها هذا الإصرار على كسب حقوقها، وربما ستواجه في مرحلة ما بعنف. لكني لست مع تنظيم مجموعات للقيام بعنف مباشر أو منظم.

ألا تظن أن تلك المجموعات قد تكون مرسلة من جانب الأحزاب السياسية؟

ممكن. لكن لا أريد أن أشكك بأي أحد يتظاهر للمطالبة بحقوقه. غالبية الموقوفين والمصابين، وبعضهم تربطني بهم معرفة شخصية، هم ناس موجوعون.

كيف تعلق على الدعوات لإنشاء حكومة ظل؟

أنا أؤيد هذا الاقتراح. عندما تتمكن الثورة من خلق برامج وأفكار وهيئات، فهذا أمر ممتاز. بل يجب تشكيل أكثر من حكومة ظل واحدة، فالنقول 5 حكومات ظل، لتشكل رقابة وتنتج برامج وأفكار، كي يكون هناك نقاش حقيقي حول الخيارات الموجودة أمام الشعب اللبناني. السلطة دائماً تضعنا أمام الأمر الواقع، وتقول أنه لا يوجد خيار آخر. لذلك علينا خلق خيارات بديلة.

الدولار تخطى الألفين ليرة.. كيف باعتقادكم يجب معالجة الأزمة الاقتصادية؟

برأيي، لا يوجد حل لا يوجع. لكن علينا البحث عن الحلول التي يكون وجعها أقل، والحلول التي تبني لنا المستقبل الذي نطمح للوصول إليه.

إذا لم نأتي بالإرادة السياسية للقيام بالإصلاحات المطلوبة، قد نتوجع اليوم وغداً. أما إذا بدأنا بالإصلاحات اليوم، فربما تكون الأمور أفضل غداً (…) هناك العديد من الخطط التي يمكن السير بها في هذا المجال، لكن نحن بحاجة للإرادة السياسية لتطبيق تلك الخطط على أرض الواقع.

كنت مرشحاً عن المقعد الدرزي في الانتخابات الماضية، ولم يحالفك الحظ.. هل ستعاود الترشح في حال إجراء انتخابات نيابية مبكرة؟

أظن أن الحظ قد حالفني فعلاً لأني لم أدخل إلى المجلس النيابي (الحالي). أتصور أن الترشح مرة أخرى يعتمد على قانون الانتخاب، ومدى قدرة المعارضين لهذه الطبقة السياسية على التوحد والانتظام في أحزاب تسمح لهم خوض المعارك بفعالية. لا نتكلم هنا عن معارك حضور، نتكلم عن معارك فوز.

هل تدعو إذاً لتشكيل أحزاب جديدة؟

صحيح، أنا أدعو إلى تشكيل أحزاب جديدة من الرأي العام الذي تشكل خلال الثورة، والذي يطالب بإنشاء منظمات سياسية وحزبية تمثله، وبرامج تحقق له طموحاته. أعتقد أنها مسألة وقت حتى نسمع عن الكثير من الأفكار والآراء السياسية الجديدة في البلد.

هل تلاشت قبضة الزعامات الدرزية التقليدية بعد الثورة، أم ازدادت قوتها؟

أظن أنها تراجعت إلى حد كبير. الزعامات والأحزاب التقليدية تراجعت قدرتها على التأثير على الرأي العام. لا أقول أنها ليست موجودة، هي موجودة ولكن لم يعد لديها النفوذ نفسه، ولا القدرة على الإقناع. والحجج التي كانوا يقدمونها، خاصة فيما يتعلق بالحرب، لم تعد تصرف لدى الجيل الجديد الذي بات بعيد جداً عن هذا الأمر، وطموحه مختلف.

كما ساهم تفكك المنظومة الاقتصادية – التي اعتمدت عليها السلطة السياسية عبر استدانة الدولة والتنفيعات من جيبة الدولة والتعهدات من خلال الدولة والتمويل من خلال الدولة والخدمات من خلال القطاع المصرفي – ساهم في انهيار الطبقة السياسية.

كيف يمكن تحييد لبنان عن التدخلات الخارجية؟

برأيي، لا يمكن القيام بإصلاح كامل في الدولة اللبنانية دون امتلاك قدرات للدفاع عن لبنان بعيداً عن أي سلاح خارج شرعية الدولة. أي شيء غير ذلك يكون مضيعة للوقت. نحن بحاجة لبناء دولة ديمقراطية، والدول الديمقراطية تمثل كل طموح شعوبها.

أظن أن الشعب اللبناني بأكمله يرفض أن يتم الاعتداء على أرضه أو بحره أو أجواؤه، لكن ذلك يتطلب أن نستثمر بدولة تحمينا جميعاً. وحتى الآن، للأسف، الجميع يفكر بمصلحة طائفته، وليس بمصلحة البلد.

وماذا عن “حزب الله”؟

هناك العديد من الخيارات لحل تلك المشكلة. الخيار الأول يكمن في دمجه بصفوف القوات المسلحة. أما الثاني فهو حله وتسليم سلاحه للدولة. والخيار الثالث هو اتفاق بين الدول المعنية بلبنان على تحييد البلد عن الصراعات وحمايته من أن يكون ضحية للحروب الإقليمية. نحن بحاجة إلى استراتيجية (دفاعية)، وأنا من المؤمنين بأن استراتيجية السلاح لم نفع العرب من 70 سنة حتى اليوم في محاربة إسرائيل.

كيف ممكن تحسين العلاقات اللبنانية العربية بعد الثورة؟

التركيز الأساسي سيكون موضوع سلاح “حزب الله”. أرى أن هناك بعض الخطوات في هذا الشأن، كون “حزب الله” غير ممثل بالحكومة الجديدة بشكل مباشر، وهي المرة الأولى التي لا يشارك فيها الحزب في حكومة لبنانية منذ العام 2005.

علينا تغيير سياستنا الخارجية وإخراج لبنان من المحور الإيراني. السيادة المستقلة للدولة اللبنانية أساسية لبناء علاقات مبنية على مصالحنا نحن، وليس مصالح الآخرين. الدول العربية لا تتعاطى معنا بشكل إيجابي، كونهم يرون أننا مرتهنون لأجندات خارجية. لمذا يتحدثون مع الوكيل، إذا كان بإمكانهم التحدث للأصيل؟

ما رأيك بخطة السلام الأميركية المعروفة بـ”صفقة القرن”؟

بتقديري، المشروع فاشل لعدة أسباب. من المستحيل أن يقبل الفلسطينيين بتلك الخطة، وهي لا تقيم دولة فلسطينية حقيقية، وتشترط حل “حماس” وهو أمر يصعب على الفلسطينيين القيام به. كما تعطي (الخطة) الفلسطينيين أراضي في صحراء النقب للزراعة والصناعة، لكنها أراضٍ خالية، لا أعلم كيف سينقلون الناس إلى هناك. كما تحرم الخطة فلسطين من الحدود الدولية والسياسة الخارجية.

من يقرأ النصوص يعلم أن الخطة موضوعة على مستوى بلدية وليس على مستوى دولة، ولا أعتقد أن الفلسطينيين سيوافقون على ذلك. برأيي، سيبقى الصراع مستمر. أما “صفقة القرن” فستبقى جزء من تاريخ ترمب ومرتبطة باسمه، تماماً مثل اتفاقية كامب ديفيد أو مفاوضات كلينتون أو عرض أولمرت، التي لم ينفذ أي منها.

إذا استمر الإسرائيليين بالتوسع في احتلال الأراضي الفلسطينية، فنحن ذاهبون إلى دولة واحدة، وهو على الأرجح الحل الوحيد في نهاية المطاف.

إلى متى سيبقى الصراع مستمر؟

حتى يكون هناك دولة واحدة في جنوبنا تضم كل الناس. أظن أن اقتراح ترمب أنهى فكرة الدولتين.

هل تقصد أن أحد الأطراف عليه سحق الطرف الآخر؟

أو ربما التعايش في دولة واحدة، لأن “لا أحد سيرمي الآخر في البحر”. أظن أننا بحاجة لمحاربة الطبيعة الصهيونية للكيان الإسرائيلي، ونحارب عالمياً من أجل إعطاء الفلسطينيين حقوقهم كاملة في هذه الدولة. وبمجرد وجود الفلسطينيين في تلك الدولة الواحدة، فهي دولة فلسطينية، كونهم سيشكلون الأغلبية عددياً. أعتقد أن الحديث عن فكرة الدولتين أصبح تضييعاً للوقت. الإسرائيليون يكذبون، وهم فعلياً لا يريدون دولتين. لذلك ستكون دولة واحدة، ويجب تحريرها بالكامل من الفكر الصهيوني العنصري.

هناك من يقول إن “صفقة القرن” تحمل معها مغريات مالية لدول الجوار، من ضمنها تخصيص 6 مليارات دولار للبنان مقابل توطين الفلسطينيين. ما تعليقك؟

في “اتفاقية القرن” لا يوجد بند يدعو للتوطين، هذه كذبة بعض السياسيين اللبنانيين الجاهلين بالنصوص. الخطة تقترح على عدد من الدول توطين 50 ألف فلسطيني في الـ20 سنة القادمة، ولبنان ليس من بين تلك الدول. وبإمكان لبنان أن يقول ببساطة أنه يرفض التوطين، وينتهي الأمر. أما بالنسبة للجانب الاقتصادي الذي تم اقتراحه في البحرين، فهو لا علاقة له إطلاقاً بموضوع التوطين.

لكن على أي حال، 6 مليارات دولار لا تمثل سوى 6% من قيمة الدين العام في لبنان الذي يناهز  الـ100 مليار. هل يستحق ذلك القبول بمثل تلك الصفقة والذهاب نحو سياسات تدميرية لبلدنا؟ بالطبع لا. الإغراء المالي غير كافٍ، يجب التوصل إلى اتفاق سياسي تشارك فيه جميع الدول.