أخبار عربية – بيروت
منذ انطلاق موجة الاحتجاجات في لبنان، في 17 أكتوبر من العام الماضي، يشارك في التظاهرات آلاف المواطنين على اختلاف طوائفهم ومذاهبهم وانتماءاتهم، بما في ذلك الفنانين، ومن أبرز هؤلاء الفنانة التشكيلية راوية غندور زنتوت.
وهذه “الفنانة الثائرة” كانت أول من رسم ساحة التظاهر الرئيسية في بيروت، أي ساحة الشهداء في “ثورة 17 تشرين”، تماماً كما فعلت قبل عدة سنوات، حين رسمت الساحة نفسها في “ثورة الأرز” عام 2005.
وزنتوت، التي شاركت في معارض محلية ودولية عديدة، وكانت ضمن نهائيات “جوائز الفن العالمية” في دبي عام 2018، قالت في حديث لموقع “أخبار عربية” أن اللوحة “الأعز على قلبها” كانت تلك التي رسمتها عام 2005 لتظاهرة “14 آذار”.
كما تحدثت زنتوت عن بداياتها في الرسم، وعن الثورة، بالإضافة إلى المعرض الذي ستقيمه في الولايات المتحدة بعد أشهر قليلة.
وفي ما يلي النص الكامل للمقابلة، بالإضافة إلى عينة بسيطة من لوحاتها الفنية:
نعرف أنكِ حاصلة على شهادة في الأعمال التجارية.. إذاً، كيف اكتشفتِ موهبة الرسم لديكِ؟ وكيف كانت الانطلاقة؟
اكتشفت موهبة الرسم منذ طفولتي.. حتى أني كنت أرسم الصور في دروس البيولوجيا. كنت أعشق الفن منذ البداية، لكن والدي عارض الأمر بسبب اعتقادات خاطئة شائعة في لبنان بأن “الفن لا يطعم خبزاً”، وأُجبرت على اختيار تخصص لا أحبه على الإطلاق. قال لي الوالد: “احصلي على شهادتكِ، ثم افعلي ما شئتي”. وخلال دراستي الجامعية، كنت أتلقى دروس فنية، دون علم أحد، ومن هنا طورت موهبتي.. أما الانطلاقة الفعلية فكانت بعد التخرج من الجامعة.
هل حصلتي على أي تمويل لانطلاقتكِ؟
لا. كان العبء الأكبر بالنسبة لي هو دفع تكاليف الدروس الخاصة عن الرسم التي كنت أتلقاها قبل التخرج. أما لاحقاً فأهلي كانوا إلى جانبي، وتكلفة المواد المستخدمة في اللوحات لم تكن كبيرة، ولم أشعر بأي عبء.
كانت لكِ مشاركات في معارض محلية وإقليمية وعالمية.. ما هي “أعز لوحة على قلبك”؟
أعز لوحة على قلبي، وربما كانت انطلاقتي من خلالها، هي لوحة تظاهرة 14 آذار 2005. حينها، نزلت إلى ساحة الشهداء، وصعدت إلى أعلى مبنى صحيفة “النهار”، ورسمت المشهد من هناك. هي فعلاً أعز لوحة على قلبي، وهي حالياً موجودة في مكتب رئيس الوزراء المستقيل (سعد الحريري).
ماذا نعرف عن “راوية الثائرة”؟ متى ولدت الثورة في داخلكِ وكيف تنعكس على لوحاتكِ؟
أنا دائماً أثور من أجل الحق والعدالة. في العام 2005، نزلت إلى ساحة الثورة كما نزل جميع اللبنانيين، للاعتراض على الاحتلال السوري حينها، وعلى أشياء عديدة في ذلك الوقت. وبطبيعتي، أنا ثائرة وأتطلع دائماً للتغيير إلى الأفضل.
في سبتمبر من العام الماضي، قمتي برسم لوحة تظهر ساحة الشهداء الثائرة، وتخلد قسم الشهيد جبران تويني.. هل كنتِ تتوقعين رسم لوحة عن ساحة الثورة مجدداً، أي لوحة ثورة 17 تشرين؟
أبداً. حين رسمت تلك اللوحة، كانت من أجل عرضها في معرض نظمته مؤسسة جبران تويني. وعندما قررت رسم هذا المشهد مع القسم، أعادتني اللوحة سنوات إلى الوراء، فرسمت ساحة الشهداء، مع الثوار، والأعلام اللبنانية، بالإضافة إلى الجامع والكنيسة. لم أكن أتوقع إطلاقاً أن يتكرر ذلك، أقله ليس بهذه السرعة. وعند انطلاق ثورة 17 تشرين، نزلت إلى الساحة في اليوم الثاني من الثورة، ورسمت اللوحة على الفور.
ستشاركين بمعرض في نيويورك في شهر أبريل المقبل، ماذا تخبرينا عن ذلك؟
طلبت مني “Artifact gallery” في مانهاتن بنيويورك أن أشارك معهم في معرض منفرد في أبريل 2020. وتم الاتفاق لتنظيم المعرض قبل عامين من الآن، وسيكون مخصص للوحاتي.
هل تعتبرين أن اللوحة مرآة تعكس شخصيتكِ؟
بالتأكيد. في لوحاتي، على صعيد المثال، ترى الألوان القوية – وهي تعبر عن شخصيتي القوية، الثائرة.. هي ألوان يوجد فيها حياة، لأني أحب الحياة.
كم من الوقت تقريباً يتطلب رسم اللوحة الواحدة؟
حوالي 10 أيام، بحسب حجمها، وذلك لأني أرسم عدة طبقات في اللوحة.
متى تهطل دمعة راوية؟ ومتى تبتسم شفتاكِ؟
تحصل دائماً.. عندما أكون أرسم لوحة تعني لي، أبكي وأنا أرسمها. وأحياناً أخرى حين أمضي ساعات لرسم لوحة واحدة دون جدوى، أشعر بالغضب وقد أبكي. أما اللوحة التي رسمت البسمة على وجهي، فهي لوحة القسم لجبران تويني. كنت أبتسم طوال الوقت وأنا أرسمها.
هل من قدوة لديكِ؟
قدوتي هي الرسامين الانطباعيين، وأسلوبي بالرسم مشابه إلى حد كبير لأسلوبهم. وأعطي مثالاً عن هؤلاء: فان غوغ، رينوار، مونيه، وإلى حد ما بيكاسو. نشأت في جنوب فرنسا، وهم أيضاً، وقد أكون تأثرت بالطبيعة هناك مثلهم. الكثير من الناس يشبهون لوحاتي بتلك التي رسمها (كلود) مونيه.
ماذا توحي لكِ الكلمات التالية:
الإنسان: الحرية.
الحب: الحياة.
الوطن: أعشقه، وأحبه “بجنون”. هو الانتماء.
الخيال: لا يمكننا العيش بلا خيال.
الثورة: المستقبل، والتغيير.