أخبار عربية – اسطنبول
في الساعة الثانية من صباح أحد أيام السبت كان الشقيقان السوريان مصطفى وأحمد يحدقان من منزلهما في شاشة تعرض بثاً مباشراً من كاميرات مراقبة تظهر رجالاً يدمرون متجرهما للملابس الجاهزة.
شاهد الاثنان مجموعة من الرجال الأتراك يهشمون زجاج واجهة المتجر ويمزقون أوراق الدعاية واللافتات المكتوبة باللغة العربية ويضرمون فيها النار.
وحدق بعض الرجال في الكاميرا قبل أن يهشموها فاسودت الشاشة أمام أعينهما.
اتصل مصطفى (22 عاماً) وأحمد (21 عاماً) وهما في حالة ثورة برجل تركي يملك متجر البقالة المجاور لمتجرهما لإبلاغه بأنهما في طريقهما للمتجر لمنع الحريق من التهام كل ما فيه، وقال أحمد: “قال لنا لا تأتوا يريدون قتلكم”، بحسب ما أفاد تقرير نشرته وكالة “رويترز”.
واستهدف متجرهما وغيره من ممتلكات السوريين في حي كوتشوك سيكميجي في غرب اسطنبول ليلة 29 يونيو في واحدة من نوبات العنف التي يقول السوريون إنها تندلع ضدهم من حين لآخر في أكبر مدينة تركية.
ومثل هذه الأحداث واسعة النطاق نادرة الحدوث باستثناء هجوم واحد آخر كبير وقع هذا العام في غرب اسطنبول كذلك، في فبراير.
لكن السوريين يتداولون وقائع صغيرة على مواقع التواصل الاجتماعي ويخشى البعض من تصاعد التوترات.
واستخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع ومدافع المياه لتفريق المهاجمين في كوتشوك سيكميجي لكنهم كانوا قد دمروا بالفعل الكثير من المتاجر السورية في الحي ومزقوا اللافتات المكتوبة بالعربية.
والمنطقة تضم واحداً من تجمعات السوريين الكبيرة في المدينة واللافتات العربية شائعة وسط الزبائن السوريين في الحي.
أخرجوا أيها السوريون!!
تستضيف تركيا أكثر من 3.6 مليون سوري وهو أكبر عدد من النازحين السوريين بسبب الحرب الأهلية المستمرة منذ ثماني سنوات وتضم محافظة اسطنبول وحدها أكثر من نصف مليون سوري، وفقاً لوزارة الداخلية التركية.
وأشعل التباطؤ الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة في تركيا الغضب تجاه السوريين الذين ينظر الأتراك للكثيرين منهم باعتبارهم عمالة رخيصة تستولي على الوظائف وتستفيد من الخدمات العامة.
ودفع ذلك حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان، التي فتحت حدودها أمام السوريين عندما اشتعلت الحرب في 2011، للتركيز بشكل متزايد على إلقاء الضوء على أعداد السوريين الذين تقول إنهم عادوا إلى مناطق في شمال سوريا تسيطر عليها حالياً قوات تركية ومعارضون سوريون متحالفون معها.
وذكرت وكالة “الأناضول” للأنباء الأسبوع الماضي أن نحو 80 ألف سوري عادوا في النصف الأول من 2019.
ولا يمثل هذا العدد سوى نسبة ضئيلة من أعداد اللاجئين السوريين في تركيا الذين يأمل الكثيرون منهم في بدء حياة جديدة هناك.
وانتقد الخصوم السياسيون أردوغان لسماحه بدخول هذا العدد الكبير من اللاجئين وحتى أكرم إمام أوغلو رئيس بلدية اسطنبول الجديد المعارض، الذي خاض الانتخابات المحلية داعياً لدمجهم في المجتمع، قال إن الأتراك يعانون من تدفق السوريين على البلاد.
وقال إمام أوغلو لوكالة “رويترز”: “سنبذل الجهد لإيجاد أسس لعودة المهاجرين السوريين إلى ديارهم”.
وأضاف: “وإلا ستكون لدينا بعض المخاوف الأمنية التي ستزعجنا جميعاً وستقع اشتباكات في الشوارع”.
وليلة فوز إمام أوغلو في الانتخابات انتشر هاشتاغ على مواقع التواصل الاجتماعي باسم “اخرجوا أيها السوريون”.
لافتات وأبواب وكاميرات مهشمة
يوم 30 يونيو، على مسافة بضعة شوارع من متجر مصطفى وأحمد سمع سوريان يعمل أحدهما في متجر للذهب والآخر في متجر للأجهزة الإلكترونية بأن مجموعة من الناس تهاجم متاجر السوريين.
وقال أحد العاملين في متجر الإلكترونيات بعد بضعة أيام من الواقعة: “جمعنا أغراضنا بسرعة ومشينا”.
وحطم المهاجمون واجهة متجر الذهب على الرغم من إغلاق الأبواب المعدنية.
كما حطموا لافتات وكاميرات وإضاءة متجر الإلكترونيات.
وبعد عدة أيام ظلت اللافتات محطمة.
ويعتزم أصحاب المتاجر وضع لافتات جديدة باللغة التركية لحماية أنفسهم ولأن رئيس بلدية اسطنبول أعلن الأسبوع الماضي أن المتاجر يجب أن تضمن أن تكون نسبة 75 في المئة على الأقل من اللافتات بالتركية وليست بالعربية.
وبعد هجوم كوتشوك سيكميجي قالت إدارة شرطة اسطنبول إنها ألقت القبض على خمسة مشتبه بهم على صلة بحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي استخدمت وسم “ارحلوا أيها السوريون” ووسم “لا أريد سوريين في بلدي”.
وقالت الشرطة كذلك أن تحقيقاً أظهر أن مجموعة على تطبيق للرسائل تضم 58 عضواً هي المسؤولة عن التحريض على الاشتباكات في كوتشوك سيكميجي اعتقلت الشرطة 11 منهم والتحقيق مستمر.
وقال أغلب أصحاب المتاجر السوريون إنهم يأملون ألا تسوء الأمور وأن تهدأ التوترات بعد تغيير لافتاتهم إلى اللغة التركية.
وأشار البعض إلى أن الاشتباكات موجات من الغضب تندلع بين الحين والآخر لا تمثل ما يشعر به أغلب الأتراك تجاه السوريين.