أخبار عربية – بيروت
وافقت الحكومة اللبنانية المثقلة بالديون على مسودة ميزانية لخفض عجزها الضخم بهدف تفادي أزمة مالية حذر زعماء بارزون من أنها سترهق البلاد ما لم تنفذ إصلاحات، وفق وكالة “رويترز”.
وينظر إلى مسودة ميزانية 2019، التي ستخفض العجز إلى 7.5% من الناتج المحلي الإجمالي من 11.5% في 2018، على أنها اختبار حيوي لتصميم الحكومة على إطلاق إصلاحات تأجلت لسنوات في بلد يعاني من الفساد والهدر.
والقطاع العام المتضخم في لبنان هو أكبر بنود الإنفاق الحكومي، يليه خدمة دين عام يعادل حوالي 150% من الناتج المحلي الإجمالي وهو أحد أكبر أعباء الدين العام في العالم.
وقد تساعد الميزانية في الإفراج عن تمويلات تبلغ حوالي 11 مليار دولار لمشاريع للبنية التحتية قٌدمت تعهدات بها في مؤتمر باريس للمانحين العام الماضي إذا نالت موافقة الدول والمؤسسات المانحة.
وقال وزير الإعلام جمال الجراح بعد جلسة مجلس الوزراء “هلا الحمد لله خلصنا وانتهت الموازنة”.
وسيعقد اجتماع أخير لتتويج العملية في القصر الرئاسي يوم الاثنين القادم، قبل أن تحال مسودة الميزانية إلى البرلمان لإقرارها.
وأثارت مخاوف من أن الميزانية ستؤدي إلى تخفيضات في رواتب العاملين بالجهاز الحكومي والقطاع العام ومعاشات التقاعد أسابيع من الإضرابات والاحتجاجات من جانب العاملين بالقطاع العام وعسكريين متقاعدين.
ومن بين إجراءات لكبح فاتورة أجور القطاع العام، تجميد لمدة 3 سنوات لجميع أنواع التوظيف الحكومي وقيود على العلاوات. وستٌفرض أيضا ضريبة على معاشات المتقاعدين من القطاع العام.
لكن خفضا مؤقتا للرواتب في القطاع العام، اقترحه البعض في مرحلة مبكرة من العملية، لم يتم إدراجه.
وتنبع شريحة كبيرة من خفض العجز من زيادات في الضرائب بما في ذلك ضريبة استيراد بنسبة 2% وزيادة الضريبة على مدفوعات الفوائد المصرفية.
وتخطط الحكومة أيضا لخفض حوالي 660 مليون دولار من فاتورة خدمة الدين من خلال إصدار سندات خزينة بعائد قدره 1% إلى القطاع المصرفي اللبناني.
وموافقة مجلس الوزراء النهائية عرقلها نزاع بشأن هل يجب عمل المزيد لخفض العجز.
لكن وزير المالية علي حسن خليل قال لوسائل إعلام محلية “تمت الموافقة على كل البنود والأرقام”. وأضاف أنه لا أحد أثار أي اعتراضات عندما قال رئيس الوزراء سعد الحريري “انتهينا من الموازنة” في ختام جلسة مجلس الوزراء.
وأشار وزير الخارجية جبران باسيل، الذي كان يطالب بمزيد من النقاشات، إلى أنه ليس لديه اعتراض على قرار مجلس الوزراء.
ونقل تلفزيون الجديد عنه قوله “بدأنا مسار السيطرة على العجز وخفضه وسنواصل ذلك من خلال الميزانيات اللاحقة”.
وقال غسان حاصباني نائب رئيس الوزراء اللبناني لـ”رويترز” يوم الخميس، إن مسودة الميزانية ستحقق استقرار الوضع المالي وتتفادى “كارثة” لكنها لا ترقى إلى الإصلاحات الهيكلية التي يحتاجها لبنان.
ويقول خبراء اقتصاديون في لبنان إنها ستعطي “صدمة إيجابية” لثقة السوق على خلفية سنوات من نمو اقتصادي ضعيف وقلق من تباطؤ نمو الودائع المصرفية وهبوط في الاحتياطيات الصافية لدى المصرف المركزي.
وقال كيفن دالي مدير صناديق الأسواق الناشئة في أبردين ستاندرد انفستمنتس “مازلنا متشككين لأنهم لديهم حيز ضئيل جدا في الميزانية”. وتشكل الأجور والدعم حصة كبيرة في العجز.
وأضاف قائلا “أعتقد أن السوق ستعود بعد عطلة نهاية الأسبوع وتلقي نظرة عن قرب”.
وقال نسيب غبريال كبير الخبراء الاقتصاديين ببنك بيبلوس إن مسودة الميزانية أوقفت زيادات في الانفاق الحكومي لكنها لم تخفضها.
وأضاف قائلا “هم قد يخفضون العجز إلى مستوى مقبول. لكنه ليس إصلاحا للميزانية أو ميزانية تقشف، إنها ميزانية تستند بشدة إلى الضرائب. هذه هى الطريقة السهلة للحكومة لخفض العجز. إذا صدقنا الرقم، فإنه خفض كبير في العجز، لكن هذه ليست الطريقة المثلى في اقتصاد راكد. اقتصاد يحتاج إلى سيولة”.
وقال جيسون توفي كبير الخبراء الاقتصاديين للأسواق الناشئة في كابيتال إيكونوميكس “الأسواق ربما ترد بشكل إيجابي في بادئ الأمر فيما يتعلق بأنهم تمكنوا فعليا من الاتفاق على ميزانية بعد بضعة أسابيع من المداولات، لكن في الأفق الأطول، مازلنا نعتقد أن الأسواق في لبنان ستتعرض لضغوط مجددا”.