أخبار عربية – القدس
قال باحثون إن الجناح العسكري لحركة “حماس” يستخدم على نحو متزايد أساليب معقدة لجمع المال عبر عملة بتكوين، مما يلقي الضوء على الصعوبات التي تواجه الجهات التنظيمية في تتبع تمويل العملات المشفرة للجماعات التي يُصنفها البعض على أنها إرهابية.
وتدعو كتائب عز الدين القسام، التي تتخذ من غزة مقرا وتصنفها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منظمة إرهابية، أنصارها للتبرع باستخدام العملة الرقمية في حملة تمويل أعلنت عنها على الإنترنت في نهاية يناير.
وطلبت في البداية من المتبرعين إرسال بتكوين إلى عنوان رقمي واحد أو محفظة.
لكن بحثا حصلت عليه “رويترز” من شركة إليبتيك الرائدة المتخصصة في مجال تحليلات سلسلة الكتل، كشف أن الجناح العسكري لحماس غير في الأسابيع القليلة الماضية هذه الآلية، حيث ينشئ موقعه الإلكتروني محفظة رقمية جديدة لكل معاملة.
وقال الباحثون إن من شأن هذا أن يصبح رصد الشركات في أنحاء العالم لتمويل الجماعة من العملات المشفرة أمرا أكثر صعوبة.
ويمكن وضع إشارة خطر على محفظة رقمية فردية لبورصات العملات المشفرة، مما يتيح من الناحية النظرية للبورصات منع انتقال الأموال عبر أنظمتها إلى الوجهة المقصودة.
لكن إليبتيك تقول إن وجود محفظة مختلفة لكل تبرع يجعل ما يُطلق عليه الوسم أكثر تعقيدا بكثير.
وكشف البحث أنه في الفترة بين 26 مارس و16 أبريل تم إرسال 0.6 بتكوين قيمتها نحو 3300 دولار إلى محافظ أنشأها الموقع.
وإجمالا، تقول الشركة إن حملة التبرع التي استمرت أربعة أشهر جمعت نحو 7400 دولار.
وامتنع متحدث باسم حماس التي تسيطر على قطاع غزة منذ عام 2007 عن التعليق على بحث إليبتيك.
وتلك الأموال جزء صغير من تمويل سنوي قيمته عشرات الملايين من الدولارات تقول إسرائيل والولايات المتحدة إن حماس تتلقاه من إيران، لكن الحملة تلقي الضوء على كيفية استغلال جماعة محظورة لعملة بتكوين في جمع تبرعات.
وقال توم روبنسون الشريك المؤسس في إليبتيك “إنهم ما زالوا في مرحلة تجريبية يحاولون ويرون كم سيجمعون من المال وإن كان الأمر سيفلح”.
ولم تعلن إيران تفاصيل تمويلها لحماس على الرغم من أنها لا تنفي دعمها للحركة. وتقول حماس إن طهران هي أكبر داعم لكتائب القسام.
وشركة إليبتيك التي تتخذ من لندن مقرا ومنافستها الأميركية تشيناليسيس هما أبرز شركتين في مجال تحليلات العملات المشفرة، وذاع صيتهما، إذ إن الجهات الرقابية وشركات العملات المشفرة وشركات مثل صناديق التحوط تحتاج لأدوات تتيح لها مراقبة العملات الرقمية.
وتحظى إليبتيك بدعم مستثمرين من بينهم ذراع رأس المال المغامر التابعة لبانكو سانتاندير، ومن بين عملاء الشركة، شركات مالية وجهات تنظيمية ووكالات إنفاذ قانون في أوروبا والولايات المتحدة.
وتندر أمثلة حملات جمع جماعات محظورة لتبرعات بعملات مشفرة. لكن البحث يلقي الضوء على المتاعب التي تواجه الشركات في القطاع الناشئ في تحديد ومنع الانكشاف على العملات الرقمية التي قد تكون مشبوهة، حتى في الوقت نفسه الذي تُصبح فيه أدوات رصد وتتبع العملات المشفرة أكثر تعقيدا.
ويعتبر التعامل مع الاستخدام غير القانوني مهما إذا كانت العملات الرقمية ستنمو من أدوات مضاربات محدودة إلى أصول مقبولة في عمليات أوسع نطاقا. وتعزف معظم الشركات المالية الكبيرة عن عملة بتكوين وما شابهها لمخاوف من أبرزها غسل الأموال.
توجيهات الخطوة خطوة
تصنف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حماس منظمة إرهابية. وهناك دول أخرى، من بينها بريطانيا، تصنف كتائب القسام فقط منظمة إرهابية.
ومثل هذا التصنيف يعني أنه في الولايات المتحدة على سبيل المثال، من غير القانوني تقديم الأموال أو التدريب مع إلزام الشركات المالية المسيطرة على الأموال ذات الصلة بالإفصاح عنها إلى السلطات.
ويقدم مقطع فيديو تبلغ مدته دقيقتين منشور في موقع كتائب القسام على الإنترنت، توجيهات الخطوة خطوة باللغة العربية بشأن الطريقة التي يستطيع بها المؤيدون تجنب النظام المالي التقليدي والتبرع بالعملة الرقمية.
ويسأل الموقع “كيف تدعم المقاومة بعملة البتكوين؟”
ويشرح الموقع عبر رسوم توضيحية جلية تصاحبها ترجمة إلى اللغة الإنجليزية كيفية إرسال بتكوين مباشرة من خلال مكتب صرافة أو من خلال بورصة عملة رقمية.
قاعدة بيانات
ويقول إن على المتبرع أن يستخدم “جهازا عاما حتى لا يتم ربط المحفظة المنشأة بعنوان الآي.بي الخاص بك”.
وتستعمل إليبتيك قاعدة بيانات من المعلومات التي تربط عناوين العملة الرقمية بمكاتب الصرافة والأسواق على الشبكة المظلمة والجماعات المحظورة لتتبع العملات الرقمية.
ورصدت الشركة محافظ أنشأها الموقع من خلال أنماط تتبع لعناوينه الفريدة. وراقبت الشركة هذه العناوين وحددت في وقت لاحق عدة تعاملات أرسلت أموالا من تلك العناوين إلى بورصة كبيرة لتداول العملات الرقمية في آسيا.
وقالت إليبتيك التي امتنعت عن الإفصاح عن المزيد من تفاصيل المعاملات، إن 13 عملية تبرع تمت من بورصة منفصلة، في آسيا أيضا. وقالت الشركة إن من غير الواضح ما إذا كانت العملة الرقمية قد حُولت منذ ذلك الحين إلى عملات تقليدية.
تنظيم غير مكتمل
تمر الأوضاع المالية لحماس بمعاناة. فقد أغلقت مصر مئات الأنفاق تحت خط الحدود مع قطاع غزة، الأمر الذي أدى إلى منع تهريب الأسلحة والبضائع من الأبقار إلى السيارات، مما حرم حماس من دخل متمثل في تحصيل ضرائب على تلك البضائع.
وقال لوتيم فينكلشتاين رئيس وحدة معلومات التهديدات في تشيك بوينت تكنولوجيز، وهي شركة للأمن الإلكتروني في تل أبيب “إنها تجعل من الصعب على السلطات المالية تتبع مثل هذه الأموال”. وأضاف “ليس من اليسير فعلا ربط المحافظ بالمنظمات”.
ورفض جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت) ووزارة الدفاع والجيش التعليق. وقال موشي كاخلون وزير المالية، وهو عضو أيضا في الحكومة لأمنية المصغرة، لموقع واي نت تي.في هذا الشهر: إنه لا علم له بجمع الأموال.
ولوقت طويل، عبر المنظمون ووكالات إنفاذ القانون عن القلق إزاء إمكانية استخدام الأموال الرقمية، المجهلة نسبيا والتي يسهل الحصول عليها عبر الإنترنت، في تمويل الإرهاب.
وتختلف القواعد التنظيمية للعملة الرقمية من دولة إلى أخرى. ومن المقرر أن تقدم مجموعة العمل المالي (فاتف)، الجهة الرقابية العالمية المعنية بمكافحة غسل الأموال، التي تدرك أن هناك ثغرات في القوانين، المعايير الدولية الأولى بشأن الإشراف على العملة الرقمية في يونيو.
لكن في الوقت الذي ما زالت فيه القواعد التنظيمية غير مكتملة، يتسبب خطر الانكشاف على عملات مشبوهة في عزوف معظم المستثمرين الكبار عن العملة الرقمية.
وقال كايل فيليبس وهو محام في شركة فيلدفيشر القانونية، إنه حتى الانكشاف غير المباشر على العملات الرقمية المشبوهة سيثير مشكلات للشركات المالية.
وأضاف “هناك قضايا حقيقية في مجال تحديد الملاك المستفيدين”.