هل يورط وزير خارجية فنزويلا لبنان بأزمة بلاده؟

أخبار عربية – بيروت

بدأ وزير الخارجية الفنزويلي، خورخي أرياسا، الثلاثاء، زيارة رسمية إلى لبنان آتياً من تركيا، يستهلها بلقاء مع رئيس الجمهورية، ميشال عون، ثم نظيره جبران باسيل، في حين يغيب رئيس الحكومة، سعد الحريري، عن أجندة لقاءاته الرسمية، إضافة إلى رئيس مجلس النواب، نبيه بري، لتواجده خارج البلاد حالياً.

إلا أن اللافت هو أن في جدول لقاءاته اللبنانية اجتماعاً سيعقده مع الأمين العام لـ”حزب الله”، حسن نصرالله، الذي أعلن منذ سقوط فنزويلا في أزمة سياسية دعمه لها في مواجهة ما أسماه “العدوان” الأميركي، قائلاً: “نتضامن مع فنزويلا في وجه الهجمة الأميركية عليها”.

وقوبل موقفه هذا برسالة وجهها الرئيس نيكولاس مادورو إلى نصرالله، أعرب فيها عن شكره وتقديره على الدعم المطلق الذي تلقاه من الحزب في مواجهة محاولات المعارضة الاستيلاء على السلطة في فنزويلا.

وتعليقاً على الزيارة، قال الباحث والكاتب السياسي، مكرم رباح لموقع قناة “العربية” على الإنترنت، إن مجيء وزير الخارجية الفنزويلي إلى لبنان رسالة إلى الغرب، وتحديداً أميركا، مضمونها أن هناك دولاً إلى جانبنا بالإضافة إلى إيران، وكان الأجدى لو اقتصرت لقاءاته الرسمية على وزير الخارجية، جيران باسيل، من دون رئيس الجمهورية”.

وتابع رباح: “باستقبال الضيف الفنزويلي نحن نفتح الباب أمام العقوبات الأميركية ضدنا، ونضع لبنان في مواجهة المجتمع الدولي بغالبيته، لا سيما أن مادورو يواجه اليوم عزلة دولية”.

وتعتنق الحكومة اللبنانية برئاسة الحريري سياسة “النأي بالنفس” عن الصراعات الخارجية، وهي لم تُبدِ أي موقف من التطورات في كاراكاس، إلا أن “حزب الله” ومنذ انطلاق الاحتجاجات فيها، سارع إلى “نُصرة” فريق مادورو على حساب غوايدو، نافياً “وجود خلايا له في فنزويلا”.

كذلك اعتبر رباح أن “لبنان الرسمي ليس مضطراً لاستقبال وزير خارجية بلد يشهد صراعاً دولياً حاداً ويُعتبر عدواً للولايات المتحدة الأميركية، كما أن لا منفعة لاقتصاد لبنان في الزيارة، لا سيما أن النظام في فنزويلا يُعد من الدول المارقة أي التي تُخالف القانون الدولي”.

علاقة وطيدة مع إيران

ونسج مادورو علاقات وثيقة مع دول عدة في الشرق الأوسط، منها إيران، الحليف الاستراتيجي لفنزويلا، إذ يرتبط البلدان بعلاقات اقتصادية وسياسية. وارتبطت طهران وكاراكاس بعلاقات قوية من مبدأ “مواجهة الغرب”، وعلى رأسه الولايات المتحدة.

ولم تقف هذه العلاقات عند حد التعاون التجاري والنفطي والاقتصادي، من استثمارات بمليارات الدولارات موزعة بين إنشاءات سكنية، وبنوك، ومصانع إنتاج سيارات، أو حتى التعاون السياسي، بل امتدت لتشمل خاصةً الأنشطة العسكرية والاستخباراتية.

ورغم العقوبات الأميركية المفروضة على كل من إيران وفنزويلا منذ سنوات، استمر البلدان في تعزيز تعاونهما، على أساس الاشتراك في العداء للولايات المتحدة، التي تنظر بانزعاج للحضور الإيراني في حديقتها الخلفية في القارة الأميركية.

مخدرات وتهريب أموال وجوازات سفر

ولفت رباح إلى أن “كاراكاس ساعدت طهران على الالتفاف على العقوبات الأخيرة عبر تهريب المخدرات وتبييض الأموال، كما أن فنزويلا منحت الإيرانيين، وتحديداً عناصر الحرس الثوري، أكثر من 15 ألف جواز سفر دبلوماسي يسمح لهم بالتجول في القارة الأوروبية من دون الحصول على فيزا”، موضحاً أن “العقوبات ضد فنزويلا مرتبطة بعلاقتها مع إيران وتوسع رقعة نفوذها فيها”.

وتحدث رباح عن “مثلث كاراكاس-طهران-الضاحية الجنوبية في بيروت (معقل حزب الله) يجمعه العداء لواشنطن والغرب، ونظام الممانعة الذي ينتمي إليه هذا المثلث الذي يوهم جماهيره بأنه صامد رغم العقوبات الغربية عليه”.

وتأتي زيارة وزير الخارجية الفنزويلي إلى لبنان فيما تشهد بلاده نزاعاً قوياً بين السلطة المتمثلة بالرئيس نيكولاس مادورو، ورئيس مجلس النواب المعارض، خوان غوايدو، الذي أعلن نفسه رئيساً انتقالياً للبلد.

وتحول النزاع إلى اشتباك دولي انقسم العالم حوله إلى معسكرين: الأول داعم لمادورو ويقتصر أعضاؤه على روسيا والصين وكوبا وبعض العواصم المعارضة للسياسات الأميركية. أما الثاني فمؤيد لـ”انتفاضة” غوايدو لإنقاذ البلاد من “سطوة” مادورو.

أميركا وتغيير النظام في فنزويلا

غير أن الأخطر في الزيارة الفنزويلية إلى لبنان، بحسب رباح، أن “من يتولى الملف الفنزويلي في الإدارة الأميركية إيليوت أبرامز، الذي توعد بفرض عقوبات إضافية كل أسبوع على شخصيات فنزويلية إلى حين تغيير النظام، وجون بولتون، مستشار الأمن القومي في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، هما خبيران بالموضوع الإيراني، ويعتبران أن لا استقرار في العالم قبل سقوط النظام الإيراني، ومن يتعامل معه أكان مادورو أو الدولة اللبنانية الذي يتمثل فيها “حزب الله”، لذلك لا يجوز تحدي الغرب عبر استقبال وزير الخارجية الفنزويلي، علماً أن الأوروبيين الذين لا يوافقون ترمب في سياسته تجاه إيران بعد خروجه من الاتفاق النووي وسلوكه خيار العقوبات الاقتصادية عليها، هم في الخندق نفسه مع ترمب في مقاربة الموضوع الفنزويلي، واعترفوا برئيس مجلس النواب المعارض خوان غوايدو كرئيس انتقالي للبلاد”.