أخبار عربية – واشنطن
أوضحت مجلة “فورين بوليسي” الأميركية في تقرير صحفي نشرته مؤخرا ، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سعى من خلال تدخل بلاده في الأزمة السورية إلى تحقيق أهداف عدة تتجاوز رغبة الكرملين في الحفاظ على نظام الرئيس السوري بشار الأسد.
وأوضح تقرير المجلة أن أفضل هدية حصلت عليها روسيا في “الكريسماس” كانت قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب سحب قوات بلاده من سوريا، مع أن ذلك لا يعني أن استراتجيجة الكرملين قد تغيرت، لأن تلك الاستراتيجية كانت منذ البداية “أكبر من الأزمة السورية”.
ولعل أبرز ما أراده بوتين من التدخل في بلد يعتبر “حليفا استراتيجيا” له في منطقة الشرق الأوسط، إعادة إظهار روسيا كقوة عظمى، فالتدخل كان فرصة كبيرة لروسيا لإثبات ذلك ولفرض نفسها كلاعب لا غنى عنه في الساحة الدولية، وأكد قرار الانسحاب الأميركي ذلك، مما يجعلها قادرة على التحاور مع الاتحاد الأوروبي بزعامة فرنسا وألمانيا والإدارة الأميركية في ملفات عديدة.
وأيضا جاء التدخل الروسي في سوريا لإنهاء ما كان يسمى “العقدة الأفغانية” إذ أدى تدخل الجيش السوفياتي في أفغانستان العام 1979 إلى مقتل أكثر من 15 ألف جندي روسي وتضاءل النفوذ الروسي لاحقا، ولذلك قوبل إرسال قوات روسية إلى سوريا بحذر شديد في البداية لدى الكرملين خوفا من تكرار الوقوع في “مستنقع جديد” في العالم الإسلامي.
غير أن الإيجابيات المتوقعة تغلبت على “المحاذير” ، إذ رأت موسكو أن هزيمة الجماعات المتشددة في سوريا سيخلص روسيا من “عقدة أفغانستان” ويعيد لها دورها العالمي الذي كان لديها إبان الحرب الباردة.
“محاربة قوى الشر”
وأيضا من الأهداف التي أراد الرئيس الروسي تحقيقها عبر التدخل في الأزمة السورية، تقديم بلاده على أنها ستكون رأس الحربة في مواجهة “قوى الشر والإرهاب” في العالم، من خلال القضاء على تنظيم داعش في سوريا و”جبهة النصرة” المصنفة على قوائم الإرهاب الدولية.
ورأت مجلة “فورين بوليسي” أن بوتين كان قادرا أكثر من غيره على فرض تسوية سياسية في سوريا، فهو قادر مع “مجموعة صغيرة من المستشارين” على التواصل وفرض الأفكار على دمشق، مع التواصل مع بقية القوى الإقليمية الفاعلة في الساحة السورية.
وحتى قبل قرار ترمب بالانسحاب من سوريا، اكتسبت موسكو بالفعل ما يكفي من رأس المال السياسي واستخدمت نفوذها لتصبح الوسيط الرئيسي – مما يجعلها شريكة للجميع وصديقة لا أحد في الوقت نفسه، وفقا لمجلة فورين بوليسي التي أشارت إلى أن موسكو ترغب من دول المنطقة التعامل معها على أنها قوة عالمية قادرة على اغتنام الفرض، وتقديم خبرات عسكرية وتصدير السلاح بالإضافة الى تقديمها خبرات هامة في مجال الطاقة والزراعة، وإيجاد نوع من “التوازن الأمني” في المنطقة.