أخبار عربية – أبوظبي
وقعت دولتا قطر وتركيا اتفاقية عسكرية، وهي وإن كانت تبدو اتفاقية بين جانبين مستقلين، فإنه يمكن وصفها بأنها “احتلال مقنع” من دولة كبيرة وقوية لدولة صغيرة وضعيفة، حسب ما نقلت “سكاي نيوز عربية” عن تقرير جديد لموقع سويدي متخصص بالرصد والمراقبة.
والاتفاقية الثنائية بين البلدين، التي تم التوقيع عليها في العاصمة القطرية الدوحة في الثامن والعشرين من أبريل عام 2016 التي حصل عليها موقع “نورديك مونيتور” وهو موقع مراقبة مقره السويد، تحتوي على الكثير من الغموض والثغرات التي تحيط بشروطها وبنودها.
وإلى جانب الغموض والثغرات في الاتفاقية، هناك “اعتباطية” في موادها، تصب كلها في الفكرة العامة بأن قطر فقدت هيمنتها على سيادتها على أراضيها وأجوائها وربما قراراتها.
وعلى سبيل المثال، ينص أحد البنود على أنه يحق للرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن يستخدم القوات الجوية والبرية والبحرية التركية في قطر للترويج لأفكاره ومصالحه الشخصية في منطقة الخليج العربي وما وراءه بواسطة استخدام “القوة التي يوفرها له ثاني أكبر جيش في حلف الناتو”.
ويوضح هذا البند مدى السلطة التي توفرها الاتفاقية لأردوغان في قطر، وهي بالتأكيد تفوق سلطة أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني.
بل إن هذا البند يحمل في ثناياه أيضا خطرا هائلا بالتصعيد واحتمال انجرار تركيا للصراعات في المنطقة بعيدا عن المصالح القومية التركية وحمايتها.
ليس هذا فحسب، بل إنه قد يجر قطر إلى الحروب والصراعات من دون قدرة الدوحة على منع هذا الأمر من الحدوث، فالقرار هنا بيد تركيا بشكل عام وبيد أردوغان بشكل خاص.
هل سلم تميم بلاده إلى تركيا؟
كما يتضح من هذا البند “الاعتباطي”، فإنه يتجاوز فكرة ومفهوم الحماية والتدريب المشترك ويصب في مجال “العمليات القتالية للقوات التركية”، وهو ما يعني قيام القوات التركية بمهمات عسكرية غير محددة.
وبنظرة إلى البند الرابع من بنود تنفيذ “الاتفاق بين حكومة الجمهورية التركية وحكومة دولة قطر” بشأن انتشار القوات التركية في الأراضي القطرية ثمة عبارة غامضة وغير محددة تقول “أي مهمة أخرى لنشر القوات التركية”.
وهذا يعني أنه يحق للرئيس التركي أن يتجاوز البرلمان التركي وتخويل قواته في ما وراء البحار، أي تلك الموجودة في قطر، القيام بمهمات عسكرية قتالية، مستغلا الغموض الذي يكتنف هذه العبارة وبما يتناسب مع أهوائه ومن دون موافقة الهيئة التشريعية التركية كما ينص الدستور التركي، وبالتأكيد من دون موافقة قطر وتجاوزا لسيادتها، كما في البند أعلاه.
احتلال بلا حدود
ومن الأمور الغامضة الأخرى في الاتفاقية، أنها لا تنص على فترة زمنية محددة للوجود التركي في قطر، إذ يقول البند الأول من الاتفاقية إنها تتعامل مع تنظيم وجود القوات التركية وأنشطتها على “المدى البعيد والمؤقت”، لكن لم توضح ما معنى “المدى البعيد”، ولا من يحدد فترة التزام القوات التركية في قطر، ولا حتى يدرجها تحت أي تصنيف.
أما البند 17 من الاتفاقية فيحدد مدتها بعشر سنوات قابلة للتمديد التلقائي لخمس سنوات كل مرة، لكن هذا لا يوضح ما إذا كان ينطبق على وجود القوات التركية في قطر، وبالتالي فإنه يمكن أن تبقى تلك القوات مهما شاءت أنقرة، ولا يحق لقطر المطالبة بسحبها من أراضيها حتى وإن انتهى مفعول الاتفاقية.
ولعل ما يكرس “الاحتلال التركي المقنع لقطر” أيضا أن الاتفاقية لا تنص على مستوى هذه القوات ولا عددها، فالبند الثاني من الاتفاقية يقول إن تركيا سترسل قوات جوية وبرية وبحرية إلى قطر من دون أن يتم تحديد عديد هذه القوات أو مستوياتها.
حتى وإن كان هناك شرط يفيد بأن نشر القوات التركية يجب أن يتم وفق خطة مقبولة من الطرفين، لكن ثمة شرط أخر يقول إن تركيا ستقرر فترة المهمة لأفراد قواتها في قطر.
الجدير بالذكر أن تنفيذ الاتفاقية يأتي في أعقاب اتفاقية إطار التعاون العسكري التي تم التوقيع عليها بين البلدين في 19 ديسمبر 2014 والتي دخلت حيز التنفيذ في 15 يونيو 2015.