أخبار عربية – بيروت
دخل جمال خاشقجي إلى القنصلية السعودية في اسطنبول، وخرج بعد 20 دقيقة. لم يخرج، تم تهريبه إلى لبنان عبر البحر ثم نُقل إلى الرياض جواً، ثم قتل داخل القنصلية وتم تقطيع جثته..
جميعها أخبار تجسد حالة الارتباك في التقارير التي تناقلها الإعلام الموالي لجماعة الإخوان المسلمين عبر قنواته التلفزيونية ومواقعه الإلكترونية في الأيام الماضية حول قضية اختفاء الصحافي السعودي جمال خاشقجي الأسبوع الماضي بعد دخوله قنصلية بلاده في مدينة اسطنبول التركية.
البداية كانت في منشور على “فيسبوك” لقناة “الجزيرة” القطرية مساء الثلاثاء الماضي، أي اليوم نفسه لاختفاء خاشقجي، نقلت فيه عن مراسلها أن “الشرطة التركية تحققت من كاميرات المراقبة التي أظهرت أن خاشقجي غادر مبنى القنصلية بعد 20 دقيقة من دخولها، الأمر الذي يرجح تعرضه لعملية اختطاف”.
الخبر نُشر على موقع القناة، ونقلته مراسلة صحيفة “واشنطن بوست” في بيروت، ليز سلاي، عبر حسابها على “تويتر”، إلا أن الخبر اختفى كما اختفى الصحافي السعودي، وحين نحاول الدخول إليه نحصل على النتيجة التالية: “عذراً، الصفحة المطلوبة غير موجودة”.
Al-Jazeera reporting that Turkish police have checked the Saudi consulate in Istanbul & found no sign of Jamal Khashoggi. Surveillance cameras show he left. But, he has disappeared https://t.co/6mx0EEHAah
— Liz Sly (@LizSly) October 2, 2018
بدورها، نقلت قناة “مكملين” المقربة من جماعة الإخوان عن ما أسمته “مصادر مقربة من محمد بن سلمان” أن خاشقجي تم نقله إلى الرياض.
المفارقة أن القناة تحدثت عن “احتمالين” لنقل الصحافي السعودي إلى بلده، الأول هو بحراً إلى لبنان ثم جواً إلى الرياض، والثاني براً عبر أرمينيا ثم جواً إلى السعودية!
وذهبت القناة “الإخونجية” بعيداً في روايتها الغريبة، حيث عرضت خرائط تزعم أنها توضح كيفية نقل خاشقجي من القنصلية في اسطنبول إلى الرياض.
وبعد كل تلك التقارير، تغيرت الرواية مجدداً، وعاد الحديث عن وجود خاشقجي داخل القنصلية.
وكالة “رويترز” للأنباء وقعت بدورها بفخ الأخبار المتسرعة، حين نقلت عن “مصدرين في الأمن التركي” أن خاشقجي قتل في مبنى القنصلية، ليعود الرئيس التركي رجب طيب أردوغان شخصياً وينسف تلك الرواية، حين قال “إنه يتابع بنفسه القضية وإنه لا يزال يأمل في نتيجة إيجابية للأمر”.
كما ظهر التناقض جلياً فيما ذكرته وكالة “الأناضول” التركية بعد أن أفادت بوصول 15 موظفاً سعودياً إلى القنصلية السعودية في اسطنبول وقت تواجد خاشقجي بداخلها، ومغادرتعم بعد مقتله.. قبل أن تصحح معلومتها بتغريدة قائلة: “وصل الوفد الأمني السعودي الأحد إلى القنصلية السعودية في مدينة اسطنبول بعد أيام من اختفاء الصحافي جمال خاشقجي”.
لكن الأفظع كان ما نقله موقع “ميدل إيست آي” الممول قطرياً، حين زعم أنه تم العثور على جثة خاشقجي (الأمر الذي لم يحصل حتى الآن)، ويضيف أن الصحافي تعرض لـ”تعذيب شديد قبل قتله وتقطيع جثته لأجزاء”!
ويزعم الموقع أن عملية “قتل وتقطيع” خاشقجي تم تصويرها عبر الفيديو “لإثبات أن المهمة قد أنجزت”، دون أن يعرض الموقع أي دليل على وجود الفيديو المذكور، ودون أي مراعاة لمشاعر عائلة خاشقجي التي لا تزال تأمل أن يكون بخير.
ورغم عدم التأكد من وفاة خاشقجي من عدمها، أطلق عدد من الإعلاميين العاملين في قنوات إخبارية معروفة وسم “#الشهيد_جمال_خاشقجي” عبر “تويتر”، وبدأوا بتعزية بعضهم بوفاة رجل لا يزال مختفياً حتى الساعة!
نشير هنا إلى أننا في موقع “أخبار عربية” نمتنع عن نقل أي أخبار دون التحقق من مصداقيتها أولاً.
وبعيداً عن السياسية، نرى في موقع “أخبار عربية” أن مسألة اختفاء جمال خاشقجي يجب أن تبقى قضية إنسانية أولاً، وتغطيتها يجب أن تكون دقيقة للغاية، وأي سبق صحفي يجب أن يأخذ بعين الاعتبار مشاعر عائلة الصحافي المختفي.
جمال خاشقجي، اختلفت أم اتفقت معه، هو صحافي يمارس حقه الطبيعي في التعبير عن آراءه، ولا يحق لأحد أن يتعرض له بسوء لأن حرية الصحافة خطاً أحمر.
حتى الساعة لا معلومات مؤكدة عن مصير جمال، وكل الأنباء عن مقتله تبقى شائعات حتى ثبوتها بالأدلة، على أمل أن تكون جميعها أخبار كاذبة. ندعو لله أن يكون الزميل جمال بخير.
– رئيس تحرير موقع “أخبار عربية” أسعد الأسعد