وكان ملعب آزادي بطهران، قد شهد هتافات من آلاف الشبان خلال مباراة بين فريقي “استقلال” من طهران و”تراكتور سازي” من تبريز، قالوا فيها “الموت للديكتاتور”.
وقال مراد، وهو كهربائي يبلغ من العمر 45 عاما وأب لثلاثة أطفال: “تحاول إيران أن تقول إن ترامب وراء كل بؤسنا، لكن خامنئي هو الوحيد الذي يقع عليه اللوم”.
وأضاف: “ينظر الناس إلى بعض المنازل والفيلات المهيبة وأسلوب الحياة الذي تتمتع به أقلية في قمة المجتمع، ويتساءلون كيف تمكنوا من الحصول على كل هذا، فيما يعاني أغلب الشعب من الفقر الحاد”، وفق ما ذكرت صحيفة تلغراف البريطانية.
وقرر مراد الانضمام إلى المظاهرات للمرة الأولى في حياته، بعد أن انخفض أجره وفقد أصغر أبنائه وظيفته، وأوضح: “لم يعد الناس يلومون رئيس بلد أجنبي، بل يلومون قادة هذا البلد”.
وانخفضت قيمة الريال الإيراني بنسبة 50 في المائة منذ بداية العام، في حين تضاعفت أسعار المواد الغذائية.
وتقود نخبة المجتمع السيارات الفارهة المستوردة وتستثمر ثرواتها في الذهب عندما تشتد الأزمات في البلاد، بينما يكافح الشعب للحصول على أساسيات الحياة.
ورغم إلقاء اللوم على العقوبات الجديدة التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، فإن الوضع في إيران متأزم أصلا، نظرا إلى مشكلات الفساد المنتشرة في البلاد، والنظام المصرفي الفوضوي، وارتفاع معدلات البطالة بعد عقود من سوء الإدارة، وتدخل الحكومة في شؤون إقليمية.
ويرى معظم الإيرانيون العداء الأميركي كأمر واقع، لذا فإن إحباطهم يتم توجيهه نحو حكامهم، لعدم قدرتهم على التعامل مع الموقف بشكل أفضل.
وبهذا الشأن قال مراد، الذي رفض الكشف عن اسمه الكامل: “إيران بلد غني جدا، لكن حكومتنا تبدو أكثر قلقا بشأن الغير إيرانيين في العالم العربي”.
ويسود في البلاد استياء حول كيفية إنفاق الحكومة لأموال النفط، إذ أقحمت إيران نفسها في قلب الحروب المكلفة والصراعات في سوريا واليمن.
وظهر هذا الاستياء جليا في صيحات متظاهرين هتفوا: “ليس لغزة، وليس للبنان.. أضحي بحياتي من أجل إيران”.
ورأى محللون أن الهوة بين الحكومة والشعب الإيراني أصبحت أكبر من أي وقت مضى، منذ عام 1979.
ويعتقد كثيرون أن الرئيس حسن روحاني قد فشل في تحقيق الوعود التي قدمها خلال حملته الانتخابية، بشأن الإصلاحات ومحاربة الفساد والكسب غير المشروع.
وكانت الاحتجاجات في إيران تفتقر حتى الآن، الإعداد أو التنظيم الذي شوهد في آخر حراك قوي ضد النظام عرف بـ”الثورة الخضراء” عام 2009، ويرجع ذلك إلى أن التظاهرات الغاضبة التي خرجت خلال الأيام الأخيرة، هي في الغالب من الطبقة العاملة، التي لا تستطيع تحمل التكلفة المتصاعدة للطعام والضروريات الأساسية للحياة، فيما بقيت الطبقة الوسطى الأقل تأثرا، في المنازل.
ولكن هذا الوضع قد يتغير، بمجرد ظهور نتائج العقوبات التي فرضت مؤخرا، والتي تستهدف معاملات الدولار الأميركي، والتجارة مع إيران في السيارات والمعادن الثمينة والطائرات التجارية والسجاد والمواد الغذائية.
وستواجه إيران في الخامس من نوفمبر، موجة ثانية من العقوبات تطال قطاع النفط الحيوي، بالإضافة إلى عمليات الشحن والمعاملات المالية.
وستعاني إيران مع تلاشي جزء كبير من عائداتها النفطية، ومن المرجح أن تجد البنوك الإيرانية نفسها قد انقطعت عن جزء كبير من النظام المصرفي الدولي.
وتعليقا على الوضع في إيران، قال المحلل السياسي الإيراني حشمت علوي: “مع تصاعد المظاهرات في أنحاء إيران وتغلب المحتجين على مخاوفهم في مواجهة سلطات الدولة وقوات الأمن، فإن النظام الحاكم يقف أمام أزمة ضخمة تتعلق بكيفية احتواء اثنين من الكوارث المحلية والأجنبية الخطيرة”.
من جانبه، أكد أحمد غلامنجاد، من مدينة أصفهان بوسط البلاد، حيث بدأت الاحتجاجات: “إذا تظاهرنا لتغيير حكومتنا، فإننا نفعل ذلك لأننا سئمنا منها، ليس لأن الولايات المتحدة هي التي سئمنا منها”.