شهدت العاصمة البولندية وارسو، أمس الأربعاء، تظاهرة غير مسبوقة، حيث رافق عشرات من قضاة المحكمة البولندية العليا رئيسة المحكمة عند توجهها إلى مكتبها صباحاً، وذلك احتجاجاً على على قرار السلطة السياسية إجراء تعديلات على عمل المؤسسة.
وكانت كبيرة قضاة المحكمة العليا مالغورزاتا غيرسدورف، أعلنت الثلاثاء معارضتها لقرار السلطة السياسية برفضها التقاعد بموجب تعديلات للقانون أجراها المحافظون في “حزب القانون والعدالة” الذين يشكلون أغلبية في البرلمان.
وتقضي التعديلات التي دخلت حيز التنفيذ منتصف ليل الثلاثاء بإحالة القضاة الذين تجاوزوا الـ65 من العمر على التقاعد. وهي تشمل 27 قاضياً بينهم رئيسة المحكمة.
واستقبل الرئيس البولندي أندريه دودا الثلاثاء غيرسدورف لكنه لم يسلمها الوثيقة التي تقضي بانتهاء مهامها رسمياً، بل أبلغها بذلك ضمناً بقوله أن قاضياً في المحكمة العليا يوزف إيفولسكي سيتولى رئاسة المؤسسة بالنيابة بانتظار انتخاب خلف لها.
لكن غيرسدورف أثارت مفاجأة عندما أعلنت أنها عينت القاضي نفسه لا ليتولى رئاسة المؤسسة خلفا لها بل ليحل محلها “في غيابها”. وقالت للصحافيين بتهكم إنها اتفقت مع دودا على أمر واحد هو أن إيفولسكي “قاض جيد”.
ويندرج النزاع بين أغلبية قضاة المحكمة العليا الذين قد يتم إحالة 27 منهم إلى التقاعد، والسلطة السياسية في إطار خلاف أوسع يدور بين وارسو والمفوضية الأوروبية حول إصلاحات للقضاء أطلقت باسم تأمين فاعلية أكبر لهذه السلطة.
ويرى معارضو هذه الإصلاحات أنها تناقض مبدأ فصل السلطة لمصلحة السلطة السياسية.
وكانت المفوضية الأوروبية التي تنتقد التعديلات أطلقت الاثنين إجراءات عاجلة ضد وارسو يمكن أن تسفر على مراحل، عن اللجوء إلى محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي وعن فرض عقوبات مالية.
ودعت مجموعات معارضة سكان وارسو إلى التوجه إلى المحكمة العليا صباح الأربعاء لدعم القضاة المحتجين.
وتظاهر بين أربعة آلاف وخمسة آلاف شخص حسب تقديرات صحافيي وكالة الأنباء الفرنسية، أمام مقر المحكمة العليا مساء الثلاثاء تعبيراً عن دعمهم لرئيستها.
وأكدت غيرسدورف التي جاءت لتعبر لهم عن شكرها أنها باقية في منصبها “حتى 2020” مع انتهاء ولايتها التي تبلغ ست سنوات والمحددة بالدستور.
المصدر: فرانس برس