أخبار عربية – أسعد الأسعد
في معظم دول العالم، تقام امتحانات لاختيار الموظف بناءً على كفائته وخبراته ومدى استعداده للقيام بالعمل الموكل إليه. أما في لبنان، تقام امتحانات، فينجح 91 شخصاً، لينتظروا عاماً كاملاً، دون تعيينهم في الوظيفة التي تقدموا إليها!
نتحدث عن الناجحون في امتحانات الطيران المدني، الذين نجحوا في الامتحانات التي صدرت نتائجها في 22/08/2017، أي قبل نحو عام، ولا يزال مرسوم تعيينهم معلقاً بقصر الرئاسة في بعبدا، ينتظر توقيعاً من رئيس الجمهورية ميشال عون.
الناجحون موزعون على الشكل التالي: 25 مراقب معاون، 20 راصد جوي، 8 مراقب حركة، 2 رئيس مصنع، 2 رسام، 4 عامل اختصاصي، 19 راديو، 1 أمين مستودع، 8 مذيع استعلامات، 2 لاسكي.
ومر مرسوم التعيين -غير الموقع حتى الساعة- في محطات كثيرة، قبل أن يسكن في قصر بعبدا. فالبداية كانت في وزارة الأشغال، حيث أعلن الوزير يوسف فنيانوس في 9 يناير/كانون الثاني عن توقيع المرسوم، بالرغم من معارضة بعض الأطراف لذلك بحجة عدم التوازن الطائفي. وقال فنيانوس حينها أن هذه الخطوة ستستخدم ضده لاحقاً لكن الموضوع متعلق بسلامة الطيران المدني ولا يحتمل التأخير.
وفي 30 أبريل/نيسان، وقع وزير المال علي حسن خليل المرسوم، تلاه رئيس الوزراء سعد الحريري في 8 أيار/مايو، ليصل المرسوم إلى القصر الجمهوري بعدها بيوم، أي في التاسع من أيار، ويبقى جامداً مكانه حتى اليوم.
واحتجاجاً على المماطلة، نفذ الناجحون العديد من الاعتصامات، حيث كانت لهم وقفة على طريق المطار في 11 من الشهر الجاري، وأخرى على طريق قصر بعبدا الأحد الماضي لمناشدة الرئيس عون توقيع مرسوم تعيينهم الذي لا ينقصه إلا توقيعه.
وفي هذا السيق، أكد رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر في مؤتمر صحافي عقده أمس الجمعة في مقر الاتحاد، في حضور وفد من المراقبين الجويين الناجحين في مباريات مجلس الخدمة المدنية لصالح مديرية الطيران المدني، على أحقية مطالب المراقبين الناجحين.
وقال الأسمر في بيان حصل موقع “أخبار عربية” على نسخة منه: “نحن في الاتحاد العمالي العام لن نألوا جهداً ولن نتوقف لحظة عن المطالبة بتطبيق القوانين وخصوصاً تلك التي تؤمن فرص عمل للشباب والشابات من الخريجين من الجامعات والمعاهد والكليات ومن خلال آليات سليمة وواضحة انطلاقاً من مؤسسات الدولة مثل مجلس الخدمة المدنية وليس عبر الإذلال من خلال الواسطات والزبائنية السياسية عند زعماء الطوائف والمذاهب والأحزاب”.
كما شهد المؤتمر الصحافي كلمة للناجحين في المديرية العامة للطيران المدني. وفيما يلي النص الكامل للكلمة:
بعد مرور نحو سنة على صدور نتائج المباراة المفتوحة التي نظمها مجلس الخدمة المدنية لملء بعض الوظائف الشاغرة في المديرية العامة للطيران المدني، وبدل أن نكون معينين في الوظائف التي نجحنا بها بعد ليال طويلة من الدرس والسهر، ها نحن نجد أنفسنا في مقر الاتحاد العمالي العام، لنطالب بحقنا المجمّد من دون أي تفسير أو سبب.
لقد مرّ مرسوم تعييننا بمراحل عدة، بدءاً من تأخير دام 4 أشهر لتوقيعه في وزارة الأشغال، مروراً بدراسته في مجلس الخدمة المدنية ثم توقيعه من قبل وزير المال علي حسن خليل، وصولاً إلى توقيع رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، إلى أن حطّ المرسوم رحاله في قصر بعبدا، حيث يستوجب توقيعه من قبل فخامة رئيس الجمهورية ميشال عون كي يُنشر ويصبح نافذاً.
غير أن الرياح في قصر بعبدا لم تجر كما تشتهي سفننا. فمنذ وصول المرسوم إلى دوائر القصر وحتى الساعة لا يزال مصيره مجهولا، فتارة يُقال لنا إنه يأخذ مجراه الإداري والموضوع هو مسألة وقت فقط، وطوراً يُقال إنه يُدرس في الدائرة القانونية في القصر، علماً أن المرسوم قانونيٌ وموقّع من الوزراء المختصين ومن رئيس الحكومة، وقد خضع لدراسة مطوّلة من مجلس الخدمة المدنية. فهل يُعقل أن يحوزَ المرسوم على كل هذه التواقيع والدراسة ثم يأتي من يقول لنا إنه في طور الدراسة القانونية في القصر!؟
إضافة إلى ذلك، فإننا نسمع من بعض النوّاب الذين نزورُهم معلومات مفادها أن مرسوم تعييننا يشوبه خلل طائفي ولذلك فهو مجمّد في القصر الجمهوري، علماً أن الوظائف التي نجحنا بها هي من الفئة الرابعة، والتي وفق الدستور لا تخضع للتوزيع الطائفي، بل للكفاءة حصراً، عبر امتحانات يخضع لها المرشحون في مجلس الخدمة المدنية، ومن دون أي قيد أو شرط طائفي.
والجدير ذكره أننا حاولنا الاتصال مرّات عدة بدوائر القصرِ لكننا لم نجد من يعطينا جواباً واضحاً، أو حتى موعداً نستطيع من خلاله السؤال عن مرسومٍ يحدد مصيرنا ومستقبلنا.
انطلاقاً ممّا سبق، نتوجّه إلى فخامة الرئيس العماد ميشال عون، بصفته الرئاسية والأبوية، بالسؤال العلني والمباشر: ما الذي يمنع توقيع مرسومنا حتى الساعة؟ وما ذنبنا وذنب عائلاتنا كي نعيش هذا الضياع وعدم الاستقرار المهني والعائلي؟ وجميعنا من أصحاب المسؤوليات، كل ذنبنا أننا تقدمنا إلى وظيفة أعلنت عنها الدولةُ اللبنانية، وأخضعتنا لامتحانات نجحنا بها عبر كفاءتنا ودون منّة من أحد.
أضف إلى ذلك يا فخامة الرئيس، أن هذه الوظائف التي نجحنا بها، ذات حساسية وأهمية، خصوصاً أن مركزها مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، أي المرفق العام الأهم في الدولة اللبنانية، وبوابتها إلى العالم، فهل يُعقل أن يبقى الشغور في وظائفَ حساسة في المطار بسبب توازنات طائفية يمكن معالجتها سياسياً وتنظيمياً فيما بعد؟
نحن يا فخامة الرئيس متفهمّون للتوازنات التي ترعى النظام اللبناني، لكن إيجاد الحلولِ لمشاكل من عمر الاستقلال ليس من اختصاصنا، نحن غير معنيين بأي صراع طائفي أو سياسي في هذا البلد، كل ما نسعى إليه هو أن نُعيّن في الوظائف التي نجحنا بها بكفاءتنا، والتي أصبحت من حقنا، ولا ذنب لنا إذا كان عدد المتقدّمين إلى الامتحانات من طائفة معيّنة أقل مما يجب، فمجلس الخدمة المدنية لم يمنع أحداً من التقدم إلى الوظيفة.
فخامة الرئيس، كل ما يهمنا اليوم هو الخروج من هذا الجمود الذي نعيشه، خصوصاً أن ملفنا قانوني ودستوري، وإذا كان هنالك من إجراءات أخرى ينبغي اعتمادها في مباريات مقبلة، فهي من اختصاص السلطة السياسية حصراً ولا شأن لنا بها. اجراءات يمكن العمل عليها ثم تطبيقها في المباريات المستقبلية وبعد تعييننا في وظائفنا، لأن حالة الجمود التي نعيشها لن تنفع بشيءٍ سوى أنها ستؤخر تعييننا وتعرقل حياتنا وحياة عائلاتنا التي نُعيلها.
فخامة الرئيس ميشال عون، لقد قلت يوماً “من له حق عندي فليطالبني به”، ونحن اليوم هنا نمثل نحو تسعين شابا وشابة من الجنسية اللبنانية ومن مختلف الطوائف والمناطق، نعتبر أنفسنا بمثابة أولادك، فهل ترضى أن نبقى محرومين من أبسط حق في الحياة وهو الحق في العمل؟
فخامة الرئيس، لقد اخترنا العمل في القطاعَ العام رغبةً منّا في خدمة هذا الوطن، علماً أن مؤهلات بعضنا العلمية أعلى بكثير من المؤهلات المطلوبة للوظائف التي نجحنا بها… ورغم ذلك، ها نحن اليوم نناشدك أن تحل هذا الملف بحكمتك وروحك الوطنية المعهودة، انت الحريص على المؤسسات، وبخاصة مجلس الخدمة المدنية الذي أضحى اليوم مهدداً، وأنت الحريص على السلامة العامة في مطار بيروت الذي يعاني من نقص حاد في الموارد البشرية، وأنت الحريص على شعبك وعلى الشباب في هذا الوطن؛ نتمنى منك يا فخامة الرئيس أن تنهي معاناتنا، وأنت أدرى أننا بحاجة ملحّة إلى وظائفنا اليوم قبل الغد، خصوصاً أن هذا الملف لا يحتاج إلى انتظار تأليف الحكومة، وهو ليس بحاجة سوى إلى توقيعك يا فخامة الرئيس.
ختاماً، نشكر الاتحاد العمالي العام رئيساً وأعضاءً على تضامنه معنا ووقوفه إلى جانب قضيتنا المحقة، ونؤكدُ حقنا في استكمال نضالنا المشروع بكافة الوسائل السلمية، للوصول إلى حقنا في التعيين في الوظائف التي نجحنا بها بكفاءتنا، ونشكر جميع الوسائل الإعلامية على مواكبتها لجميع تحركاتنا، وشكراً.
إذاً، ينتظر الناجحون في امتحانات الطيران المدني إجابة الرئيس ميشال عون على أسئلتهم، ويأمل هؤلاء أن يتجاوب “بي الكل” سريعاً مع مطالبهم بتوقيع مرسوم تعيينهم في وظائفهم بأسرع وقت، وإلا فالتحركات الاحتجاجية مستمرة.
ويقول مصدر في صفوف الناجحين لـ”أخبار عربية” أنه سيُقام إضراب عن الطعام في حال استمرار المماطلة في ملفهم، لكن “الوقت لا زال مبكراً لهذه الخطوة الآن”.